بلينكن يطالب عباس بالعودة للتنسيق الأمني مع إسرائيل
وزراء نتنياهو يرفضون «دروس الديموقراطية» من وزير الخارجية الأميركي ويتهمونه بالتدخل
في ختام جولة دبلوماسية مكثفة، استهلها من القاهرة، وسعى خلالها إلى خفض التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين، التقى وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، الرئيس محمود عباس، في مقر السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة أمس.
وحض بلينكن الفلسطينيين على بذل المزيد من الجهود لوقف الهجمات على الإسرائيليين، ودعا السلطة الفلسطينية إلى العدول عن وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل إثر العملية الدامية التي قام بها الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين، الخميس الماضي، وأسفرت عن سقوط 11 قتيلا.
وذكرت مصادر في الرئاسة الفلسطينية أن مديري المخابرات الأردنية والمصرية شاركا في الاجتماع بين عباس وبلينكن في رام الله، بهدف تنسيق الجهود بشأن استعادة الهدوء ومنع التصعيد.
وعقب الاجتماع مع عباس، أكد بلينكن ضرورة اتخاذ خطوات من أجل خفض التصعيد.
وقال الوزير الأميركي إن واشنطن ترفض سياسات الهدم والطرد والمسّ بالوضع التاريخي للمناطق المقدسة، مضيفاً أن بلده تعارض أي تحرّك من أي طرف يمكن أن يصعّب حل الدولتين، بما في ذلك توسيع المستوطنات. وتابع: «نرى أفقاً منحسرا من الأمل بالنسبة للفلسطينيين، ويجب أن يتغير هذا». وأعلن تقديم 50 مليون دولار إضافية لوكالة الأنروا.
مواجهة إيران
وقبل توجهه إلى رام الله، اجتمع بلينكن بوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أشاد ب«التعاون الأميركي الإسرائيلي»، وشكر الوزير الأميركي على دعمه «الثابت للتفوق العسكري النوعي لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها».
وقال غالانت إنه أطلع بلينكن على «التحديات الأمنية الاستراتيجية التي تواجهها إسرائيل مع التركيز على إيران ووكلائها في الساحة الشمالية، سورية ولبنان، إضافة إلى الموجة الأخيرة من الهجمات الفلسطينية، وحالة التأهب القصوى التي تفرضها إسرائيل» على الضفة الغربية بعد عمليتي إطلاق نار في القدس الشرقية، أسفرتا عن مصرع 7 إسرائيليين، وشدد غالانت على أهمية إعادة الاستقرار إلى الساحة الفلسطينية، مؤكدا «الدور المهم للشركاء الإقليميين في هذا الصدد».
وأمس الأول، دعا بلينكن، خلال مؤتمر مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طرفي النزاع على اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد، وقال: «نريد أن نتأكد من وجود بيئة يمكننا فيها، كما آمل في مرحلة ما، أن نخلق الظروف للبدء باستعادة الشعور بالأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء».
هدم وإضراب
في غضون ذلك، اعتقلت إسرائيل 5 فلسطينيين من أنحاء متفرقة بالضفة الغربية، في حين عم إضراب شامل حي جبل المكبر بالقدس الشرقية استجابة لدعوة من الأهالي لإغلاق المحال التجارية وتعطيل مظاهر الحياة، احتجاجا على عمليات هدم انتقامية لمنازل نفذتها سلطات الاحتلال في الحي.
واندلعت صباح أمس احتجاجات وصدامات بين سكان جبل المكبر والشرطة الإسرائيلية التي ترافق فرق الهدم التي أوعز لها وزير الأمن المتطرف اتمايار بن غفير بالمباشرة فورا في هدم بيوت الفلسطينيين المقامة بدون تراخيص في أعقاب عملية الكنيس اليهودي.
مواجهات وإضراب شامل في حي المكبر بالقدس رفضاً لـ «الهدم الانتقامي» للمنازل
في موازاة ذلك، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أمس، إقرار البرلمان الإسرائيلي مبدئيا قوانين جديدة تقضي بسحب المواطنة أو الإقامة من فلسطينيين في حال تلقيهم أموالا من السلطة الفلسطينية، ووصفت الخارجية القوانين بأنها عنصرية.
واعتبرت الوزارة أن مثل هذه القوانين تمثل «تصعيدا خطيرا في الأوضاع، وشكلا آخر من أشكال العقوبات الجماعية، ومضاعفة العقوبات والإجراءات التمييزية على المواطنين الفلسطينيين، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي واتفاقيات جنيف ومبادئ حقوق الإنسان»، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها ومجالسها المختصة إلى سرعة التدخل لوقف إقرار القوانين الإسرائيلية العنصرية وتنفيذها.
تحذير وانتقاد
في شأن آخر، أعرب الوزير الأميركي، خلال المؤتمر المشترك، عن قلق إدارة الرئيس جو بايدن من الدفع نحو الخطة الحكومية الإسرائيلية المثيرة للجدل بشأن تعديل قانون السلطة القضائية، معتبرا أن «بناء توافق في الآراء بشأن مقترحات جديدة هو الطريقة الأكثر فعالية لضمان اعتمادها ودوامها».
من جهته، أكد نتنياهو أن «إسرائيل وأميركا دولتان ديموقراطيتان وستبقيان كذلك».
وعقب ذلك، التقى الوزير الأميركي نظيره الإسرائيلي، إيلي كوهين، والرئيس إسحق هرتسوغ الذي تعهد ب «العمل على إيجاد حل للجدل الدستوري» الذي تشهده بلده على وقع خطة الإصلاح التي طرحتها حكومة نتنياهو الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية، للحد من دور القضاء وتصفها المعارضة بأنها «محاولة انقلاب».
وقال هرتسوغ لبلينكن: «سمعت تقييمك بشأن النقاش الدستوري في إسرائيل. إنه شيء أنا ملتزم به وأحاول حله، أو إطلاق عملية حوار».
وفيما أفادت تقارير بأن بلينكن امتدح التظاهرات الحاشدة التي تنظمها المعارضة ضد التعديلات القضائية المقترحة، هاجم أعضاء في الائتلاف نتنياهو، وتدخلات الوزير الأميركي.
واعتبرت وزيرة البعثات الوطنية أوريت ستروك أن تصريحات بلينكن «تدخل غير عادي بالشأن الداخلي الإسرائيلي، ومحاولة لإعطاء درس بالديموقراطية لنتنياهو».
وأضافت ستروك، وهي من حزب الصهيونية الدينية، «يجب أن يكون ذلك دون تدخل أجنبي، والمظاهرات مهما كانت مشروعة، لا يمكن مقارنتها بأصوات الناخبين».
نتنياهو وماكرون
إلى ذلك، يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي باريس غدا، في أول زيارة له لفرنسا منذ عودته إلى السلطة، حيث سيلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتأتي الزيارة المقررة حتى السبت المقبل على وقع التصعيد الكبير في أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ووضع حكومة نتنياهو «ملف مواجهة إيران»، ومنعها من امتلاك سلاح نووي، في مقدمة أولوياتها.