أكد رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الفدرالي جيروم باول أن التضخم في أميركا لا يزال مرتفعاً، وفوق المعدل المستهدف البالغ2%، مشدداً على أهمية أن «يبقى البنك المركزي الأميركي حذراً بشأن إعلان النصر» في معركته ضد التضخم.
وتعهد باول، في مؤتمر صحافي مساء أمس، بعد قرار «الفدرالي» الأميركي رفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، بمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، من أجل السيطرة على التضخم وخفضه إلى المستوى المستهدف.
ورغم ترحيب باول بالتراجع الأخير في بيانات التضخم، فإنه قال إن ذلك ليس كافياً لإعادة مؤشر أسعار المستهلكين إلى2%، مضيفاً أن «المركزي» الأميركي لم يصل بعد إلى معدلات فائدة كافية لكبح التضخم المرتفع، ولفت إلى أن الاقتصاد الأميركي تباطأ بشدة خلال العام الماضي، فيما يستمر تراجع إنفاق المستهلكين وكذلك نشاط الإسكان.
وتابع باول: «سنحتاج إلى مزيد من الأدلة وبشكل كبير» على أن التضخم ينحسر، للتأكد من أنه يتحرك مرة أخرى نحو الهدف، مشيراً إلى أن الاحتياطي الفدرالي يناقش زيادتين أخريين على أسعار الفائدة، وكشف أن «المركزي» قد يتجاوز معدل الفائدة الأقصى على الأموال الفدرالية الذي حدده في توقعاته لشهر ديسمبر والبالغ5.1%.
وأكد أن البنك المركزي يراقب الأوضاع المالية عن كثب وبعناية، مكرراً أنه من المهم أن تعكس الظروف المالية تشديد بنك الاحتياطي الفدرالي، ولفت إلى أن هناك اختلافاً في الرأي حول مدى سرعة انخفاض التضخم، معرباً عن أمله أن تعطي أرقام التضخم في الأشهر المقبلة دفعة إيجابية في المعنويات.
ورفع الاحتياطي الفدرالي، أمس، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، كما كان متوقعاً على نطاق واسع، بعدما رفعها 50 نقطة أساس في ديسمبر الماضي في أعقاب أربع زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة، ليصل بذلك سعر الفائدة القياسي إلى نطاق من4.50% إلى4.75%، وهو أعلى مستوى من عام 2007، أي قبل الأزمة المالية العالمية.
وقال البنك المركزي الأميركي، في بيان يمثل إقراراً صريحاً بالتقدم الذي حدث في خفض وتيرة ارتفاع الأسعار التي بلغت العام الماضي أعلى مستوى في 40 عاماً، «التضخم تراجع إلى حد ما لكنه ما زال مرتفعاً».
اليقين العالمي
وأوضح مجلس الاحتياطي الاتحادي أن حرب روسيا في أوكرانيا، على سبيل المثال، ما زالت تعتبر أحد العوامل التي تفاقم «عدم اليقين العالمي»، لكن صانعي السياسة تخلوا عن لغة البيانات السابقة التي جعلت من الحرب، إضافة إلى جائحة كوفيد عوامل مباشرة في ارتفاع الأسعار، ولم يذكروا الأزمة الصحية العالمية لأول مرة منذ مارس 2020.
لكن الاحتياطي الاتحادي قال إن الاقتصاد الأميركي يحقق «نمواً متواضعاً» ومكاسب «قوية» في الوظائف، في وقت يظل صانعو السياسة «منتبهين بشدة لمخاطر التضخم»، وأضاف: «تتوقع اللجنة (السوق المفتوحة الاتحادية) أن تكون الزيادات الجارية في سعر الفائدة المستهدف مناسبة للوصول إلى موقف للسياسة النقدية يكون مقيداً بما يكفي لإعادة التضخم إلى 2 في المئة بمرور الوقت».
الأسهم التي انخفضت قليلاً قبل قرار الاحتياطي الاتحادي ارتفعت، بعد قرار السياسة النقدية وتصريحات رئيس الاحتياطي الفدرالي. وفي نهاية الجلسة، ارتفع مؤشر داو جونز بشكل طفيف يعادل 7 نقاط عند 34.092 ألف نقطة، كما صعد «S&P 500» بنحو1.05% أو 42 نقطة مسجلاً 4119 نقطة، وزاد «ناسداك» بنسبة2%، ما يعادل 231 نقطة إلى 11.816 ألف نقطة.
وفي أسواق أوروبا، استقر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي عند 453 نقطة، بينما هبط «فوتسي 100» البريطاني0.1% (10- نقاط) إلى 7761 نقطة، وفي حين صعد مؤشر «داكس» الألماني0.3% (52+ نقطة) مسجلاً 15.180 ألف نقطة، انخفض «كاك» الفرنسي بنسبة طفيفة بلغت 0.07% (5- نقاط) عند 7077 نقطة.
وانخفض العائد على سندات الخزانة لأجل عامين، وهو الاستحقاق الأكثر حساسية لتوقعات سياسة الاحتياطي الاتحادي، فجأة إلى أدنى مستوى خلال اليوم، ونزل في أحدث التداولات نحو 8 نقاط أساس عند نحو 4.12 في المئة، وتراجع الدولار مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين.
استهداف التضخم
ورفع القرار سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق بين 4.50 و4.75%، وهو تحرك توقعه مستثمرون على نطاق واسع، وأعلن عنه مسؤولو البنك المركزي الأميركي قبل الاجتماع، لكن في إطار الوفاء بوعده بمزيد من رفع أسعار الفائدة في المستقبل، بدد الاحتياطي الاتحادي توقعات المستثمرين بأنه مستعد لإعلان نهاية دورة التشديد الحالية كتأكيد على أن التضخم ينخفض باطراد منذ 6 أشهر.
وقال البيان إن أي زيادات في الأسعار بالمستقبل ستكون في إطار ربع نقطة مئوية، متخليا عن لفظة «وتيرة» الزيادات في المستقبل، والإشارة بدلاً من ذلك إلى «نطاق» تغير سعر الفائدة، مضيفاً أن هذه الزيادات ستأخذ في الاعتبار مدى تأثير تحركات السياسة حتى الآن على الاقتصاد في لغة ربطت رفع الأسعار بتطور البيانات الاقتصادية القادمة.
ويأمل الاحتياطي الاتحادي مواصلة تقليص التضخم حتى يبلغ هدف 2 في المئة دون التسبب في ركود عميق أو ارتفاع كبير لمعدل البطالة من 3.5 في المئة حالياً، وهو مستوى نادراً ما شهدته الولايات المتحدة في العقود الأخيرة، وتباطأ التضخم إلى معدل سنوي بلغ5% في ديسمبر.