في موازاة الجوانب الإيجابية الكثيرة لشبكة الطرقات في البلاد، دفعت بعض مناطق الكويت «ضريبة» لهذا التطور، تمثلت في عزل بعض المناطق عن بعضها، وتحويلها إلى ما يشبه الجزر التي يتعذر معها على المشاة العبور بين المناطق، إلا عبر ما ندر من جسور المشاة التي لم تؤد غرضها في الربط بين المناطق، خصوصا أنها لم تكن مؤهلة لإعادة التواصل بين الضواحي.
هذا الواقع المستجد منذ عقود عدة، نتيجة شبكة الطرقات واستحداث مناطق وضواح سكانية جديدة، فتح الباب واسعا أمام توجهات واقتراحات لإعداد نماذج جديدة لجسور المشاة من شأنها أن تعيد ربط المناطق السكنية وفق منظور عصري متطور يخلق مساحات مفتوحة بين تلك المناطق، ويحد من عزلتها عن بعضها.
وأعد المهندس والخبير في التاريخ المعماري الكويتي صباح الريس دراسة عن جسور المشاة في الكويت، اقترح فيها استحداث جسور واسعة تربط الضواحي التي تفصلها طرق دائرية أو شعاعية، وذلك عن طريق استحداث أنفاق بطول 200 متر وما لا يقل عن عرض الطريق.
وأكد الريس، الذي يعد من جيل الرعيل الأول للمهندسين الكويتيين، في الدراسة، أهمية الاقتراح، حيث إنه يربط بين الضواحي الواقعة بين الدائري الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس وبين الطرق الشعاعية 30,35,40,45,50 كمرحلة أولى، وأن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم الضواحي والمناطق الجديدة.
وحدد 6 أسباب لفشل الجسور الحالية، منها أن تكلفة إنشائها عالية، وتحتاج إلى صيانة مستمرة، وقصورها على المشاة فقط، إضافة إلى أن عدد مستخدميها قليل جدا، ولم تدرس مواقعها بشكل سليم.
وكشف أن دراسته تستند إلى بعض الاقتراحات التي دعت وزارة الأشغال إلى إجراء مسابقة لجسور المشاة، داعيا الى أن تكون هذه المسابقة خارج الصندوق وليست على نمط الجسور الحالية بمختلف أنواعها، وأوضح أن الهدف من هذا الاقتراح (الدراسة) خلق مساحات مفتوحة بين الضواحي والتقليل من استعمال السيارة والتشجيع على المشي... وفيما يلي نص الدراسة:
نبذة تاريخية
كانت مدينة الكويت للمشاة، إلا أن الوضع تغير كلية بعد وضع المخطط الهيكلي الأول عام 1952، حين صممت الطرق الدائرية والشعاعية لتستحدث مناطق سكنية واستثمارية وتجارية تخترقها هذه الطرق بشكل لا يمكن معه للمشاة الوصول إلى الناحية المقابلة من الطريق دون تعريض أنفسهم للخطر.
وأثرت هذه الطرق بشكل سلبي على التواصل الاجتماعي بين الضواحي، بعكس ما كان يفترض أن يكون، فبدلا من زيادة التواصل بين الضواحي أصبح أكثر تعقيدا، فزيارة صديق في منطقة مجاورة تبعد 250 مترا قد تستغرق وقتا طويلا بالسيارة، بينما مشيا تستغرق بضع دقائق.
وصرفت الدولة مئات الملايين من الدنانير على الطرق والجسور الخاصة بالسيارات لكنها تجاهلت المشاة بشكل كبير، ولو أن الدولة صرفت 1% مما صرفته على جسور السيارات، وخصصت جزءا منه للمشاة لأمكن حل هذه المشكلة بشكل جميل وحضاري، ولا أحد ينكر أن الحل المقترح ليس سهلا، إلا أن هذا هو واجب المهندس، فتعريف الهندسة «هي علم جعل المستحيل ممكنا».
الوضع الحالي لجسور المشاة
نفذت وزارة الأشغال العامة 3 أنواع من جسور المشاة، منها الجسور العادية المفتوحة بأدراج، وأخرى مفتوحة بمنزلقات، وثالثة مغلقة ومكيفة بأدراج متحركة، وجميع هذه الجسور لا تلبي احتياج المشاة، حيث يقتصر استعمالها على عدد قليل جدا من المشاة.
ولا أعرف كيف تمت دراسة الموقع أو ما إذا تم أخذ قراءات لعدد مستخدمي هذه الجسور في مختلف الأوقات وطبيعة مستخدمي هذه الجسور، وإذا ما كانت هذه الجسور تلبي احتياج مستعمليها.
برأيي، هذه الجسور فشلت فشلا ذريعا في تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، حيث إنها لم تراع أن مستخدمي هذه الجسور هم من مختلف الفئات العمرية من نساء ورجال وأطفال وراكبي دراجات ووسائل النقل والتسلية الأخرى، كما أن هناك من ذوي الهمم من مستخدمي الكراسي المتحركة، ولم تأخذ وزارة الأشغال كل ذلك بالاعتبار.
أسباب الفشل
وثمة 6 أسباب وراء فشل الجسور الحالية هي:
• غير عملية، حيث إن عدد مستخدميها قليل جدا ولم تدرس مواقعها بشكل سليم.
• صرفت عليها الدولة الكثير وستنتهي بالإهمال وعدم الصيانة، مما سيعرضها للإغلاق خلال فترة وجيزة وكأنها تعالج حالة مؤقتة كما هو الحال في الجسور التي اكتمل تنفيذها.
• تكلفة الإنشاء عالية.
• تحتاج إلى صيانة مستمرة.
• قصورها على المشاة فقط، وتحد من تحرك المعاقين أو أصحاب الدراجات الهوائية أو «السكوتر» والوسائل الرياضية الأخرى التي يستعملها الكثير من الشباب.
المقترح
استحداث جسور واسعة تربط الضواحي التي تفصلها طرق دائرية أو شعاعية، وذلك عن طريق استحداث أنفاق بطول 200 متر، وما لا يقل عن عرض الطريق، وتستعمل المساحة فوق النفق كجسر مشاة وحديقة عامة تشمل كثيرا من المرافق، وتسهل الاتصال بين هذه المناطق والربط بينها، واستحداث خدمات مشتركة بين هذه الضواحي.
مزايا الاقتراح
• الربط بين الضواحي الواقعة بين الدائري الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس وبين الطرق الشعاعية 30,35,40,45,50 كمرحلة أولى، وأن تؤخذ في الاعتبار عند تصميم الضواحي والمناطق الجديدة.
• تسهيل حركة تنقل المشاة والربط بين الضواحي من خلال حلول مستدامة.
• خلق مساحات مفتوحة بين الضواحي لزيادة التقارب بينها.
- تشجيع رياضة المشي والدراجات الهوائية ووسائل النقل الأخرى والتي يستعملها الشباب.
• سهولة استعمالها من قبل المعاقين وتوفير السلامة لهم.
• خلق حدائق ومساحات ترفيه مشتركة بين المناطق يتواصل سكانها مع بعض.
• يمنع منعاً باتاً استعمال السيارات على هذه الجسور، ويكون تصميمها بحيث يستحيل استخدامها من قبل السيارات.
• زيادة مساحات الحدائق في المناطق السكنية.
• استحداث خطوط لدراجات التوصيل وتسهيل حركتهم للحد من وجودهم على الطرق العامة.
• استحداث طرق واسعة ومعروفة للتنقل بين الضواحي للمشاة.
• ربط هذه الجسور مع المماشي في كل ضاحية.
المشاكل المتوقعة التي ستواجه هذه الجسور:
• وضع الحلول المناسبة لتفادي تراكم المياه أسفل هذه الجسور خلال موسم الأمطار.
• نقل الخدمات الحالية أسفل الطريق.
• الصيانة المستمرة بالحدائق والمساحات الجديدة.
• الكلفة الكبيرة لاستحداث هذه الجسور.
• عرقلة المرور بشكل كبير خلال فترة الإنشاء.
ومثال على الجسور المقترحة للربط بين الضواحي والمناطق الواقعة على الدائري الأول والثاني والثالث والرابع، يمكن اقامتها بينالدسمة والدعية والشعب والمنصورية والقادسية والضاحية والنزهة والروضة والعديلية والخالدية والفيحاء والشامية وكيفان والخالدية واليرموك والشويخ كما هو مبين في النموذج المبين بالصورة.ويتبع نفس الأسلوب للضواحي الواقعة على الدائري الثالث والرابع والخامس والسادس، وهكذا لمنطقة بيان ومشرف وقرطبة والسرة والجابرية والسالمية والرميثية وسلوى، وجميع المناطق الأخرى التي تفصلها الطرق السريعة، وهذا ينطبق على جميع المناطق الجديدة.