طرفة من التراث أرسلها أحد الإخوان، فأحببت، بعد بعض التصرف، أن أشرك بها من لم يقرأها، فيُقال إن رجلًا من فارس أجاد اللغة العربية وتكلم بها بطلاقة، حتى أن العرب كانوا عندما يتحادثون معه يسألونه من أي القبائل أنت؟ فيضحك، ويقول: أنا فارسي وأجيد العربية أكثر من العرب، فيلزمون معه الصمت.

لكنه، في أحد الأيام، وكعادته حضر مجلسا من مجالس قوم من العرب، فتحدث معهم بطلاقة غير معهودة، فاحتاروا في أصله، فسألوه كعادتهم: من أي قبائل العرب أنت؟ ‏فضحك وقال: أنا من فارس وأجيد العربية خيراً منكم، إلا أنه في هذه المرة انبرى له أحد الجلوس وقال له: اذهب إلى فلان بن فلان، وهو رجل من الأعراب، وتحدّث معه، فإن لم يعرف أنك «أعجمي»، و(هي كلمة تطلق على من لسانه ليس عربيا)، فقد غلبتنا وفزت علينا.

Ad

كان ذلك الأعرابي ذا فراسة شديدة، فذهب الفارسي إلى بيته وطرق الباب فإذا بابنة الأعرابي تسأله من ‏وراء الباب: من بالباب؟ فرد الفارسي: أنا رجل من العرب وأريد أباك، فقالت: «أبي فاء الى الفيافي، فإذا فاء الفيء فاء»، قاصدة أن أباها ذهب إلى الصحراء، فإذا حل الظلام أتى، ويبدو أن الفارسي لم يفهم ما قالته بنت الأعرابي، فسألها مرة ثانية: إلى أين ذهب؟ فردت عليه قائلة: «فاء إلى الفيافي كي يفيء بفيئه فإن فاءت الفاء فاء بفيئه»، أي سيد الصحراء خرج ليعود لنا بصيد، فإن غربت الشمس عاد بصيده.

سمعت الأم ابنتها وهي تُحادث الرجل الغريب، فسألتها: من بالباب؟ فردت البنت من فورها: إنه رجل أعجمي يا أماه، فبُهت صاحبنا، فكيف لو تحدث مع والدها؟

حكاية طريفة تدل على تبحر بعض العرب، في لغتهم فيتقعرون في مفرداتها حتى أنها تشْكُل على من تكلم فيها بطلاقة.

ملحوظة: منقولة من التراث بتصرف.