بقايا خيال: تصدير فاسدين!!
لا توجد قرية واحدة في العالم تخلو من الفساد، مهما صغرت في عدد سكانها، فما بالك بدولة؟ ولا توجد مدينة أفضل من أخرى في كل شيء، لأنه لا توجد مدينة فاضلة أصلاً، إلا في الأحلام، لذلك عندما يقال مثلاً إن هناك دولاً خالية من السجون، أو يقال إنه لا توجد أزمة سكن، فقد تكون في الغالب دعاية حكومية، أو لبيان قوة حزب حاكم، ومن قبيل الاستهلاك المحلي والعرض للعامة (Window Dressing)، وهكذا فيما يتعلق بقضايا أخرى في هذه المجتمعات، التي غالباً ما تؤمن ظاهرياً بحرية التعبير عن الرأي، حتى لو كانت حول الفساد، ولهذا لا تثار قضايا الفساد كثيراً في العلن بين عامة الناس، ولا يتداولها الإعلام الرسمي أبداً، على عكس المجتمعات المتقدمة التي تعرف أن القانون يطبق على أي مسؤول قولاً وعملاً، لتسير الحياة طبيعية.
في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ومع فورة المشاريع التنموية الضخمة التي قامت بتنفيذها شركات عالمية كبرى، اشترطت بعض هذه الشركات (المتعددة الجنسيات) ومنها شركات صينية وكورية، أن تجلب عمالة مدربة من بلدانها بدل التعاقد مع عمالة محلية غير مدربة، ويصعب التفاهم معها، حينها قيل إن هذه الشركات لا تجلب أيدي عاملة رخيصة فحسب، إنما تستعين بمساجين لإزالة عبء ثقيل عن كاهل حكوماتها أيضاً، حينها لم يتم إثبات هذه الادعاءات بالدليل القاطع، لأن كل الدول، إن لم يكن أغلبها، تعمل على التعتيم على ما يسيء لسمعتها في الخارج، حتى لا يتداولها الناس، خصوصاً بعد انتشار وسائط التواصل الاجتماعي وتعدد وسائل الإعلام.
في عز انشغال العالم بجائحة الكورونا، وتحديداً في يوليو من عام 2020، لم يتخذ أحد كبار المسؤولين في الدولة أي إجراء تجاه شكوك بوجود عمليات غسل الأموال، في الوقت الذي كان يماطل في التوقيع على عقد شركة أجنبية كانت تنوي الاستثمار في مشروع تنموي ضخم، ليقوم بعدها بإلغاء هذا المشروع لمصلحة متنفذين فاسدين، ثم انتقل هذا المسؤول ليعمل في مهمة خارجية، رغم علمه هو والمحيطون به من كبار المسؤولين بمسؤولياته الإدارية والأخلاقية والقانونية بما كان يجري من ممارسات مالية غير صحيحة، واستمر في عمله بالخارج حتى استدعته النيابة وتم إجباره على ترك منصبه الدولي الحساس، فاشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في الداخل والخارج حول هذه القضية لفترة من الزمن.
نحن نؤمن بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن أين كانت الدولة من هذه الممارسات التي كان يمارسها هذا المسؤول؟ وهل كانت على علم بها لكنها تجاهلته؟ ألا تعلم الدولة أن كثرة تداول وسائل التواصل الاجتماعي لقضايا الفساد، ساهمت في تعريف العالم بأدق تفاصيل ما يجري في الساحة الكويتية من أحداث سياسية واقتصادية واجتماعية؟
وإذا كانت الحكومة تعرف أن القانون سيأخذ مجراه عاجلاً أو آجلاً، فلماذا ترشح أشخاصاً لمناصب حساسة في الخارج وتعلم أن عليهم علامات استفهام؟ يبدو أن الحكومة لا تدري أن جهلها باختياراتها العشوائية لمن يمثلنا في الخارج قد شوه سمعة هذا المسؤول، حتى لو كان بريئاً، وأساء إلى سمعة الكويت في الخارج.