قضية تسريب الاختبارات التي كانت الشعرة التي قصمت ظهر بعير التعليم يجب أن تكون الفيصل أمام المرحلة المقبلة من خلال إعادة غربلة هذا القطاع المهم، عبر الاستعانة بكفاءات وطنية موثوقة، وذات خبرة، بعيداً عن أهواء بعض المتنفذين وغيرهم ممن كانوا وراء انتكاسات المناهج والتطوير في صفوف المراحل المختلفة، فلا يزال هناك من يعيش على أطلال الماضي في بعثرة المناهج، وكأن الأمر لا يمس جيل المستقبل الذي يفترض أن يكون الغد المشرق في البناء والإعمار.
إن هذا الهرم الكهل يحتاج إلى نفضة شاملة للوقوف عند أسباب تدني التعليم وتراجع مستوى الطلبة، والكشف عمن يقفون وراء أي عمليات لانهيار هذه المنظومة، حتى لا تتكرر المآسي والمعاناة ونكتشف «بلاوي» أخرى من جراء مخلفات من يدعون الإصلاح وينادون بشعارات وهمية كغطاء لهم رغم أنهم السبب في كل المشاكل.
فالمناهج المتخلفة جزء رئيس من تراجع هذه المنظومة، الأمر الذي يتطلب عملية إنقاذ سريعة بإعادة صياغة الأسلوب التعليمي ومن يقومون بتدريس طلبتنا دون أي اعتبارات، لأن عملية المراجعة المستمرة من لجان متخصصة دون أي محاباة ومجاملات وتدخل تستحقق النتائج الملموسة، وهذا الأمر يجب أن يشمل المراحل الدراسية كافة دون استثناء عبر لجان محايدة.
وعلى اللجنة التعليمية البرلمانية التي تنشغل في البحث عن الامتيازات وتسجيل المواقف الالتفات بجدية للمراحل الدراسية من الصف الأول إلى الثاني عشر، والوصول إلى أي ثغرات لمعالجتها، ووضع آلية في عملية اختيار المعلمين، خصوصاً الوافدين في ظل وجود الكفاءات الوطنية التي تبحث عن أي فرصة ليكونوا شركاء في عمليات التطوير.
وما فرضته أزمة كورونا سابقا عبر التعليم عن بعد قد يكون شريكا في تدهور المخرجات التعليمية، وهو أمر استثنائي نظراً لحساسية المرحلة آنذاك وخطورتها، لكن هذه الشماعة التي لا يزال البعض يرددها بعد ارتفاع نسبة النجاح خلال تلك الفترة يجب أن يتخطوها ولا يعتبروها عذرا لهم في ظل تراجع المستوى التعليمي، ويجب أن يكونوا ذوي فكر منفتح يواكب تسارع تطورات العالم وأحداثه المتغيرة، بعيداً عن عقليات الرجعية والتخلف والتدخلات السافرة من أصحاب الأفكار المتطرفة والنظرة التي تقف عند حدود تفكيرهم الذي وراء تراجعنا عادة، واستمرار انتكاستنا ووقوفنا كالمتفرجين على ما يدور حولنا في شتى المجالات.
والأهم من ذلك يجب أن تشمل محاسبة كل المتورطين في فضيحة تسريب الاختبارات والغش وألا تقتصر المسؤولية على البعض، إنما يجب أن يُوضع الجميع على طاولة المحاسبة حتى يصبحوا عبرة لغيرهم، فضلا عن أنها فرصة كبيرة ومناسبة لغربلة هذا القطاع حتى لا يتدمر بالكامل.
آخر السطر:
التعليم هو اللبنة الأساسية في نهضة الأمم وتطورها وبناء الأوطان، وإصلاحه لا ينتظر تصريحات وردات فعل وتهديد ووعيد، بل إعادة هيكلة.