مع تلقي رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي وعوداً بالحصول على أسلحة غربية طويلة المدى، وإعلانه تشكيل ألوية خاصة للتقدم شرقاً، توعدت روسيا أمس، برد سريع وصارم، وبجميع أنواع الأسلحة، بما فيها النووية، في حال مهاجمة أراضيها وخصوصاً القرم، التي ضمتها عام 2014.
وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف: «في حال شن ضربات أوكرانية على القرم فلن تكون هناك مفاوضات، ولن تكون هناك سوى ضربات انتقامية فقط، كل أوكرانيا المتبقية تحت حكم كييف ستحترق»، مضيفاً: «ردنا يمكن أن يكون بكل الوسائل. لقد قال هذا بالتأكيد رئيسنا فلاديمير بوتين».
وأوضح مدفيديف أن روسيا لا تضع لنفسها أي قيود، واعتماداً على طبيعة التهديدات، «فهي مستعدة لاستخدام جميع أنواع الأسلحة. وفقاً لوثائقنا العقائدية، بما في ذلك أساسيات الردع النووي. ويمكنني أن أؤكد لكم أن الإجابة ستكون سريعة وصارمة ومقنعة»، مضيفاً أنه «إذا كانت واشنطن تريد حقاً إنهاء الحرب التي أثارتها بنفسها فبإمكانها فعل ذلك بإشارة إصبع، وأمر أتباعها المخدرين بالجلوس على طاولة المفاوضات، إلا أن كبار السن بالإدارة الأميركية وصقور الكونغرس ليسوا مهتمين ببساطة بإنهاء الأعمال العدائية في أوكرانيا».
وشدد رئيس اللجنة التشريعية في برلمان القرم سيرغي تروفيموف على أن أي محاولة من كييف للهجوم على شبه الجزيرة سيتبعها رد عسكري روسي، لن تتمكن من التعامل معه، أو إعادة تجميع وترتيب صفوفها بعده، مؤكداً أن القرم محمية بشكل جيد لأهميتها بالنسبة إلى روسيا.
وذهب النائب في مجلس الدوما ميخائيل شيريميت إلى أبعد من ذلك باعتباره أن ضرب القرم بالصواريخ الأميركية بمنزلة إعلان حرب من الولايات المتحدة، مبيناً أن «الوقت حان ليدرك السياسيون الأميركيون المؤسفون قبل فوات الأوان أن النكات مع روسيا وصخب السيوف ستنتهي بشكل سيئ».
ووفق شيريميت، فإن جميع أعمال الجيش الأوكراني تشرف عليها واشنطن، ويتم إصدار الأوامر منها، ويتم إطلاق النار من الأسلحة الأميركية الموردة له، و«في حالة حدوث استفزاز، فستكون سلطات كييف والقيمون عليها في الخارج مسؤولين بالكامل».
وفي وقت سابق، شدد مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيل بودولاك على أن كييف «ستستعيد شبه جزيرة القرم في وقت قصير جداً».
وأعلن القائم بأعمال وزير الداخلية إيغور كليمينكو بدء تشكيل ألوية هجومية خاصة، من الجيش والشرطة وحرس الحدود الأوكراني، «للاستيلاء على شبه جزيرة القرم ودونباس»، موضحاً أن المشروع أطلق عليه اسم «الحرس الهجومي».
قنابل «البنتاغون»
وتلقى زيلينسكي وعوداً بالحصول على أسلحة طويلة المدى في إطار مساعدة أميركية جديدة قيمتها 2.2 مليار دولار، وأوضح الناطق باسم «البنتاغون» اللفتنانت غارون غارن، أمس الأول، أنها تشمل صواريخ قد تضاعف تقريباً مدى الضربات الأوكرانية.
وبين غارن أن المساعدة تتضمن خصوصاً قنابل صغيرة من نوع GLSDB متصلة بصواريخ يتم إطلاقها من الأرض، ويصل مداها إلى 150 كلم، لكن «تسليم هذه القنابل لن يحصل قبل أشهر عدة» بسبب مواعيد الإنتاج، وامتنع عن تحديد عدد هذه القنابل «لأسباب أمنية».
وقال الرئيس الأوكراني: «كلما كان مدى أسلحتنا طويلاً وحركة قواتنا أكبر انتهى عدوان روسيا الوحشي بسرعة، وإذا تسارعت عمليات تسليم الأسلحة، لاسيما بعيدة المدى، فلن نكتفي بالانكفاء من باخموت، بل سنباشر وضع حد لاحتلال دونباس»، التي تسيطر روسيا على قسم منها.
بالتزامن، أعلنت باريس أن فرنسا وإيطاليا ستمدان كييف في الربيع بمنظومة دفاع أرض جو متوسطة المدى من طراز «مامبا»، لمساعدة أوكرانيا على «الدفاع عن نفسها في وجه هجمات المسيّرات والصواريخ والطائرات الروسية».
وفي حين دعا المدعي العام الألماني بيتر فرانك إلى إجراء تحقيق دولي في ارتكاب قادة روسيا جرائم حرب، وعد رئيس الوزراء البرتغالي أنطونيو كوستا بتزويد أوكرانيا بدبابات «ليوبارد 2»، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً لعددها.
في هذه الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس عودة 63 جندياً، بينهم أفراد من «فئة حساسة»، في صفقة تبادل للأسرى تمت بفضل وساطة الإمارات، موضحة أن جميع العسكريين الآن في روسيا، ويتلقون الإحاطة النفسية والطبية اللازمة، فضلاً عن منحهم إمكانية الاتصال بالأقارب.
ولاحقاً، قال مكتب الرئيس الأوكراني إن كييف استعادت في إطار صفقة تبادل للأسرى 116 عسكرياً، اثنان منهم من الضباط، والباقون جنود ورقباء، إضافة إلى استعادة جثتي متطوعين بريطانيين، هما كريستوفر ماثيو بيري وأندرو توبياس ماثيو.
العراق وتركيا
ووسط المحاولات الأميركية لمنع روسيا من الاستفادة من علاقتها الخارجية، يعتزم وزير الخارجية سيرغي لافروف زيارة بغداد على رأس وفد حكومي وعدد من الشركات الروسية الكبرى، يلتقي خلالها نظيره العراقي فؤاد حسين والرئاسات العراقية الثلاث.
وبحسب مصدر مسؤول في الخارجية العراقية، فإن «لافروف سيبحث ملف الطاقة والنفط والغاز وعمل الشركات الروسية، إضافة إلى ملف التسليح»، مشيراً إلى أن «هناك إمكانية لعقد صفقات مختلفة خلال اجتماعاته مع المسؤولين العراقيين، كما سيتوجه إلى كردستان للاجتماع مع قادة الإقليم».
في المقابل، حذر كبير مسؤولي العقوبات في وزارة الخزانة الأميركية براين نيلسون تركيا من تصدير مواد كيماوية ورقائق دقيقة ومنتجات أخرى إلى روسيا، يمكن أن تستخدمها في مجهودها الحربي بأوكرانيا، مهدداً بأن واشنطن قد تتحرك لتطبيق القيود المفروضة حاليا، بعد تحذيرات مماثلة وجهها نيلسون إلى الإمارات.