هل لدينا مَن يقرأ ويفهم ويقلق على مصير الدولة وبلوتها في المستقبل القريب؟
في ندوة «رساميل»، قبل أيام، كرر كل من جاسم السعدون ومحمد البغلي كلاماً كتباه وكتبناه كثيراً... لكن، هل من جدوى؟!
هل هناك أي فائدة للحديث عن سلطة سياسية ليس لها من هَمّ غير خلق نوع من التوافق في صراعات (ممنوع الحديث عنها) بين أشخاصها وتطلّعاتهم للحكم، أو همّها الآخر المتمثل بضمان صمت شعب أقوى ما يستطيع قوله الواعون المهمومون هو التذمّر (التحلطم) عن الحفر في الشوارع وليدة غش المقاولين وغياب الرقابة، وكأن الغشّ قاصر على تلك الفئة، بينما هو يتمدد من الأعلى للأسفل، من قياديين دون محاسبة، أو محاسبة شكلية لا تنتهي بعقاب، حتى 40 ألفاً من التلاميذ الذي سيديرون دولة الخيبات من مكاتب العطالة والبطالة؟
ماذا يفيد الكلام عن الفرق بين الدولة الريعية ودولة الرفاهية، أو المقترحات الشعبوية والباب الأول وخلق قطاع خاص يستطيع أن يستوعب القادمين لسوق العمل عند جماهير تقضي أوقاتها الجميلة في التسكّع بين مقاهي المولات، وهي طبعاً أعظم إنجازات القطاع الخاص الريعي، أو تتسلّى في حرب شوارع مخيفة، والتي بدورها غائبة عن أولويات وزارة الداخلية، أو هي عاجزة عن حلّها، فلا يوجد فيها أضواء «رزة إعلامية» للتطبيل الشعبي؟
ويظل المتحمسون السياسيون يرددون من ناحية أخرى عن المكتسبات الدستورية والأخطار التي تتربّص بها... مكتسبات دستورية! أين هذه؟ إذا نظرنا إليها من الأعلى، فالسلطة الحاكمة تزيحها أو تعدل بها كما تشاء، وفي أي لمحة يظهر لها أنها غير قابلة للهضم.
في تقرير «الإيكونيميست» عن الديموقراطية في العالم، لا يوجد غير السلطوية في العالم العربي، ولم يتم استثناء الكويت، وكان المغرب هو الأفضل.
من غير وعي شعبي وثقافة تقدّمية ونخب سياسية قادرة على إيقاظ هذا الوعي وتحريك خلايا القلق فيه، يصبح أيّ خطاب غير ذلك مصدر تعب وإرهاق لقلوب أصحابه.