حكومة وطن آمن ورفاهية مستدامة
بالرغم من أن برنامج عمل الحكومة «وطن آمن ورفاهية مستدامة» تعرض للنقد الموضوعي فإننا تأملنا خيراً في رئيس الوزراء بتنفيذ ما ورد فيه من إصلاحات، لكن على ما يبدو أن هناك بعض الوزراء لم يدركوا قيمة المهام المطلوبة نحو تحقيق ما ورد فيه من محاور وأهداف تتطلب الالتزام بها.
قد يقول القائل إن المدة الزمنية للحكومة المستقيلة قصيرة لا تعطي الصورة الواضحة للحكم على أداء الوزراء، لكنها حتما كافية لمعرفة توجهاتهم وقدرتهم على التعامل مع برنامج العمل الحكومي ومدى التزامهم به.
صور عدم إدراك بعض الوزراء لطبيعة العمل الجماعي كثيرة، ولعل البداية مع التصريح الناري لأحد الوزراء بأن الميزانية القادمة ستكون الأكبر في تاريخ الكويت، وأنها ستواجه عجزاً في الموازنة يقدر بخمسة مليارات دينار كويتي بسبب تضخم بند الرواتب، وهي إشارة لا تستقيم مع الإصلاحات الاقتصادية التي وعدت بها الحكومة.
هذه التصريحات شبع الشارع منها وكان الأجدر أن يلتزم الوزير بالبرنامج الحكومي بوضع الحلول المناسبة نحو إيجاد السبل الكفيلة لتعزيز الميزانية، وتحقيق وفرة مالية بفتح مجالات جديدة تدعم الاقتصاد الوطني بالتفكير خارج الصندوق التقليدي، والتفكير على الأقل بعقلية تاجر يملك شركة عائلية مقفلة.
الصورة الثانية تتجلى في خريجي التخصصات النفطية ممن لم يجتازوا الاختبارات، وبغض النظر عن الأسباب التي حالت دون نجاحهم إلا إنه كان من الأفضل تهيئتهم من خلال تنظيم دورات تدريبية مكثفة لمدة محددة لا تزيد على تسعة أشهر بدلًا من تحويلهم إلى ديوان الخدمة المدنية، ومن ثم توزيعهم على وزارات ومؤسسات الدولة بعيدا عن مجال تخصصهم، والتي تعاني أصلاً من الترهل في هياكلها الوظيفية.
الصورة الثالثة تتمثل بالكشف عن أكثر من 20 ألف طالب غشوا في اختبارات الثانوية، وما تبعه من ردة فعل لقيادات وزارة التربية التي جاءت دون المتوقع، مما يشير إلى وجود خلل في تسكين واختبار المناصب القيادية.
الصورة الرابعة يمكن رؤيتها في شوارع الكويت من خلال ربطها مع حالة الفساد الذي تعانيه منظومة الرقابة المالية والفنية عند إبرام وتنفيذ العقود، وهي دلالة تتطلب الحزم في كشف ومعاقبة المتجاوزين.
الصورة الخامسة تتضح على معدلات التضخم وتلاعب التجار بأسعار السلع الاستهلاكية والكمالية، ولولا وجود البطاقة التموينية وشركة المطاحن الكويتية والدعوم لبعض الخدمات لكان التضخم أضعاف ما نراه الآن.
الصورة السادسة تتجسد في إعلان مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية تخفيض أسعار التذاكر ليوم واحد وبشرط لا يسمح بالحصول على الخصم إلا للمسافر من الكويت، وكأن قضية التشجيع على السياحة «ذهاب» فقط.
هذه الدلالات وغيرها ما هي إلا صور لبعض الممارسات التي تشير إلى عدم الالتزام بالعمل الجماعي وبرنامج العمل الحكومي، وقد تكون استقالة الحكومة فرصة لرئيس الوزراء القادم بتشكيل حكومة كفاءات تعمل ضمن توجيهات سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظهما الله ورعاهما، وتتحمل مسؤوليتها الوطنية تجاه الشعب الكويتي.
ودمتم سالمين.