أول العمود: سياسة التكويت يجب أن تكون شعاراً مهنياً لا سياسياً.
***تصاعدت وتيرة تكريم الفنانين باختلاف مهنهم في عدد من الدول العربية مؤخراً كما في السعودية ومصر من خلال إقامة مهرجانات عالية الإتقان والاحترافية.
والحقيقة أن هذا الاهتمام والرعاية للفنانين باتت مستحقة بعد عقود من الإهمال وترك هذه المهنة الراقية التي تعكس جمال البشر وتفاعلهم مع الحياة عُرضة لتفسيرات رجعية مبنية على نظرة متدنية لمحترفي الفنون.
الفنان الموهوب والمؤثر في أي مجتمع يقوم بما يشبه الأعمال الشاقة، إن كان موسيقياً، أو ممثلاً، أو مطرباً، أو نحاتاً، أو رساماً، أو شاعراً، أو ما إلى ذلك من المجالات، فهو يعرض عاطفته ومشاعره للجمهور وينتظر منه قبولاً أو رفضاً، ويتعرض لضغوط ابتكار الفكرة وطريقة توظيفها، وهذا بحد ذاته يؤجج القلق النفسي بداخله، ويكون أحياناً تحت ابتزاز المنتج الممول للعمل الفني، أو ظلم وسائل الإعلام، وخصوصاً في غياب حركة النقد الموضوعي للفنون، وتأخر التكريم لما بعد الممات، والحاجة للمال الذي يوفر العيش الكريم، والتدخل في حياته الشخصية وجعلها مادة في وسائل الإعلام المتنمرة، واستهلاك وقته في إنتاج أعماله الفنية بشكل يؤثر في استقرار حياته الشخصية، ويخضع لمتطلبات الحالة التي يفرضها تقديم عمل فني، كأن يضحك حتى لو كان قد توفي له عزيز منذ أيام قليلة.
هذه الأحوال وغيرها مما يختزنها الفنانون في دواخلهم ما هي إلا أعمال شاقة تتطلب رعاية ودعماً لا محدودا من الدولة لهم كمبدعين يقومون، بإسعاد الجمهور ورفع ذائقته.
في الأيام القليلة الماضية استمتعنا بحفل (joy awards) وحفل ليلة صوت الأرض لتكريم الفنان الكبير طلال مداح في المملكة العربية السعودية، بمثل استمتاعنا باحتفالات تكريم الفنانين في مهرجانات القاهرة والجونة والبحر الأحمر في الشقيقة مصر، فمثل هذه المناسبات تُعلي من شأن الفن الجاد والموهوبين الحقيقيين.