علمت منذ قرابة الأسبوعين وقبيل خروج الأنباء (شبه الرسمية) عن لقاء الحكومة المرتقب في وسائل الإعلام من خلال أحد المقربين الذين كانوا يعدونني (ومجموعة من الحضور في تلك الجلسة الشتوية) بأن اللقاء سيكون لقاء مهماً لتفنيد وجهة نظر الحكومة وموقفها من بعض الأمور التي أدت إلى احتقان المشهد وتأزم العلاقة بين الحكومة والمجلس، وبطبيعة الحال هذا الأمر الذي تعودنا عليه في السنين الأخيرة هنا في الكويت لأسباب عدة خارج نطاق هذا المقال.

شخصيا كنت فرحاً حين تكلم (فلان) وأعطانا تلك البشارة ليس لأنني شخصيا أتبنى موقفاً حكوميا سلطويا من كل المسائل، بل لأنني كنت فرحا بأن السلطة التنفيذية في الدولة سيكون لها وجهة نظر تفندها أمام الملأ، ويتم شرحها من خلال الإعلام، ويتم طرحها على العامة، وهذا أمر حميد ومهم.

Ad

كما أنني وهذا ليس بالسر على من يتواصل معي ويعرفني عن قرب، أومن بأن هناك عددا من العناصر الحميدة في الحكومة، وعلى رأسها سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف وعدد من الوزراء وكذلك نواب في المجلس، كلهم شغف وطموح للعمل الوطني الصرف، لكن المشكلة هنا في النظام السياسي الذي يحتاج إلى غربلة وإعادة ضبطٍ لرمانة ميزانه ليواكب العصر الذي نحن فيه ومتطلبات اليوم.

عموما وحين خرجت أنباء إلغاء ذاك اللقاء التلفزيوني يوم الأحد قبل الماضي لم أتردد في حقيقة الأمر أن أبتسم بيني وبين نفسي، ومن بعدها أشعر بشيء من الحسرة، لأنها كانت فرصة ذهبية للحكومة لتفنيد وجهة نظرها أمام الشعب، والأدهى والأمرّ وهو الأمر الذي لا أعتقد أنه فات على ذهن الحكومة بتاتا، بأن خروج أنباء عن عقد ذاك اللقاء ومن بعدها إلغاؤه، يشكك الناس أكثر وأكثر في الفريق الحكومي وسياساته وطريقة تعاطيه مع المسائل الشائكة، بل أكثر من هذا يفقد هذا الفريق مصداقيته، وقد يثبت بعض الشائعات التي يتداولها الناس والأقاويل اللا منطقية.

المشهد السياسي ما زال فيه من الفسحة الشيء الكثير، وبالرغم من بعض الآراء المنقولة على لسان بعض المحللين، لكن وبالنية الصادقة والعزيمة ما زال لدى هذه الحكومة الفسحة والفرصة التي تكسب الشعب تجاهها مرة أخرى من خلال إصلاحات حقيقية لمعيشة المواطنين وحلول جذرية الكل أصبح يتوق إليها لمشاكل متراكمة، ومن خلال الخروج أمام الناس، وتفنيد وجهة نظرها للعامة ليصبح الأمر جليا للعيان.

وهذه والله لنصيحة أقدمها ولا أبتغي من ورائها أجراً ولا شكوراً، ففي نهاية المطاف وإذا ما تناغمت العلاقة بين السلطتين وأصبحت «سمناً على عسل» فسيكون الشعب هو الرابح الأول والأخير.

على الهامش:

كنت في ديوان أحد الأعزاء في غضون الأسبوع الماضي في زيارة ليست رسمية البتة، بل اتسمت بالمرح والسعادة وعدم التكلف، وهي الأمور التي أعتادها في كل مرة أوجد في ذاك الديوان العامر بأهله الطيبين الأصيلين على مر السنين.

عموماً ومع الأحاديث الجميلة و(السوالف) الخفيفة، ذهب مسمعي الى كلمة وصلتني عبر الديوان مع الأحاديث المتداخلة والتي لم أسمعها منذ زمن طويل، وهي كلمة (جليب نخم) في إشارة إلى تلك المهنة الصعبة المرهقة التي انقرضت بعد أن كانت متداولة في زمن كويت الماضي، في زمن كان الناس يحبون هذه الأرض بكل جوارحهم على عكس ما نشاهده هذه الأيام من تصرفات بعضهم، وهم يحاربون هذا البلد ويعاملونه ك(الجليب) فقط لأخذ حاجياتهم ومادياتهم منه دون أي تكلف أو حتى مبالاة بأي شيء.

الكويت ليست جليباً ل(يزعب) منه كل فاسد، بل هي وطن وجب أن يخلص له كل من يعيش على ترابه، ومع الأسف أصبح بعض الناس هذه الأيام يعاملون الدولة فعلا على أنها مصدر دخل فقط، ليكونوا أنفسهم ومن ثم تنتهي مهمتهم والسلام، فلا بارك الله بالحداثة والتطور اللذين يجعلان بعض الناس، وفي هذا الزمن، يفكرون بهذه الطريقة.

هامش أخير:

في غضون الأشهر القليلة الماضية، قامت وزارة الداخلية من خلال عناصرها بحملات مكثفة على أوكار المخدرات لتنظيف البلد من هذه الآفة وبلاويها، فكل الشكر للوزارة بدءاً بالوزير وانتهاء بكل عنصر أمني قام بحماية هذا المجتمع من هذه الآفة، ولكن ومع تزايد هذه الحملات الناجحة التي وجب أن تستمر، يبقى السؤال الأزلي: من وراء كل هذه الكميات المضبوطة من المخدرات، ومن (الرؤوس) وراء هذ ا البلاء الذي تفشى في المجتمع؟!

هذا هو السؤال الذي يجب على «الداخلية» أن تفصح عنه وتعريه للعامة وعلى رؤوس الأشهاد.