رفضت الصين بشدة قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بإسقاط منطادها، الذي حلّق عدة أيام فوق الولايات المتحدة وتشتبه وزارة الدفاع (البنتاغون) في أنه لأغراض التجسّس، متهمة إدارته ب«المبالغة في رد الفعل وبانتهاك الممارسات الدولية بشكل خطير».

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع تان كيفي، إن «الصين عبرت عن احتجاجها الشديد على قيام الولايات المتحدة بإسقاط المنطاد المدني بدون طيار، وتحتفظ بالحق في استخدام الوسائل الضرورية للتعامل مع مواقف مماثلة».

Ad

وأضاف كيفي أن «الولايات المتحدة استخدمت القوة لمهاجمة المركبة المدنية غير المأهولة، واضح أنه رد مبالغ فيه، ونحن نعرب عن احتجاجنا الشديد على هذا التحرك من الجانب الأميركي».

وكانت أعربت وزارة الخارجية الصينية عن «استيائها الشديد واحتجاجاتها على استخدام القوة من جانب الولايات المتحدة لمهاجمة المنطاد المدني غير المأهول»، مشددة على أنها «تحتفظ بحق اتخاذ مزيد من الردود الضرورية».

وذكرت الخارجية الصينية أنها «طلبت بوضوح من واشنطن معالجة الأمر بشكل مناسب وبهدوء ومهنية وضبط للنفس»، مؤكدة أنها «أصرت على استخدام القوة، ومن الواضح أنها بالغت في رد فعلها وانتهكت الممارسات الدولية بشكل خطير».

وجدد المتحدث رفض مزاعم واشنطن بالتجسس، مشيراً إلى أن المنطاد طائرة «مدنية» انحرفت عن مسارها بسبب «قوة قاهرة والمتحدث باسم البنتاغون ذكر أيضاً أن البالون لن يشكل تهديداً عسكرياً أو شخصياً للأفراد العاملين على الأرض».

وتابع أن «الصين ستلتزم بحماية الحقوق والمصالح المشروعة للشركات ذات الصلة، مع الاحتفاظ بالحق في القيام بمزيد من ردود الفعل الضرورية».

وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن طائرة مقاتلة من طراز إف-22 أسقطت يوم السبت بأوامر من بايدن المنطاد الصيني، الذي أعاد أجواء الحرب الباردة، وأدى إلى تأجيج الأزمة الدبلوماسية بين واشنطن وبكين، وأجّل زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن للصين، ووصفه بأنه «غير مقبول» و«غير مسؤول»، موضحاً أن العملية تمت على ارتفاع 18 كلم وعلى بعد 11 كلم قبالة سواحل ساوث كارولينا.

وبينما هنّأ بايدن الجيش بنجاحه في تنفيذ العملية الدقيقة، أكد أوستن أن المنطاد «استخدمته الصين في محاولة لمراقبة المواقع الاستراتيجية، وإسقاطه جاء رداً على انتهاك غير مقبول للسيادة الأميركية».

وأعلن «البنتاغون»، لأول مرة الخميس الماضي، وجود منطاد المراقبة، الذي حلق فوق كندا قبل دخوله مجال ولاية مونتانا، التي يخزن بها 150 صاروخاً بالستياً عابراً للقارات مزودة برؤوس حربية نووية في قاعدة عسكرية في الشمال.

وتجري عمليات لاسترداد حطام المنطاد بمشاركة غواصين، وقال مسؤول كبير، إن الحطام وقع في المياه الضحلة ما «سيجعل الأمر سهلاً للغاية».

وأظهرت مقاطع الفيديو بثتها قنوات أميركية المنطاد، وكأنه يسقط عموديا. وضربت البحرية وخفر السواحل الأميركيان، طوقا على موقع سقوط حطام المنطاد في المحيط الأطلسي. لكن عملية استعادة حطام المنطاد لمعرفة أسراره قد تتأخر، إذ أشارت تقارير إعلامية إلى أن السفينة المتخصصة في انتشال الحطام تحتاج أياما للوصول إلى الموقع.

وقال مسؤول عسكري كبير لشبكة «فوكس نيوز»، إن حقل الحطام (المكان المتوقع لوقوع الحطام) عرضه 11 كيلومترا، وعمقه 14 مترا.

وأضاف المسؤول أن هناك العديد من القطع البحرية التي تعود إلى البحرية الأميركية وخفر السواحل الأميركيين بدأت في تأمين مكان الحطام، مشيرا إلى أن السفينة المتخصصة في أعمال انتشاله لن تأتي إلا خلال أيام.

ويسعى الأميركيون إلى انتشال الحطام من أجل معرفة أسرار المنطاد، الذي قالت الصين، إنه كان يعمل لغايات بحثية، بينما أكد مسؤولون أميركيون أنهم واثقين من أنه لأغراض التجسس.

وقبيل العملية، أعلنت هيئة تنظيم الطيران تعليق الحركة الجوية في ثلاثة مطارات جنوب شرق الولايات المتحدة ضمن إجراء يتعلق ب«الأمن القومي».

وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو دعمه قرار بايدن. وذكرت وزيرة الدفاع أنيتا أناند، أنها وترودو «اطلعا على العملية»، وعملت «بشكل وثيق» مع الولايات المتحدة، و«تدعم بلا تحفظ الإجراءات المتخذة»، شاكرة لواشنطن «تعاونها الوثيق».

نجل ترامب وماسك

ورغم إسقاط المنطاد لم تتوقف انتقادات الجمهوريين لتعامل ادارة بايدن مع الحادثة. وعبّر رئيس لجنة القوّات المسلّحة بمجلس النوّاب الأميركي، النائب الجمهوري مايك رودجرز، أمس، عن قلقه من قرار بايدن بالسماح لمنطاد التجسّس الصيني بالعبور فوق البلاد للوصول فوق مياه المحيط. واتّهم الإدارة الأميركية بأنّها كانت تأمل إخفاء فشل الأمن القومي هذا عن الكونغرس والشعب الأميركي.

واعتبر رودجرز أنه يجب على البيت الأبيض تقديم إجابات بشأن الضرر الذي لحق بالأمن القومي من هذا القرار، مؤكّداً أنّه يجب على الولايات المتّحدة أن تظهر قوتها لردع الصين، وأنّ هذا الفشل مثال آخر على ضعف الإدارة.

ونشر نجل الرئيس السابق دونالد ترامب جونيور، صورة على صفحته في «انستغرام» لبايدن مرفقة بتعليق: «انتظر حتى يكمل منطاد التجسس الخاص بأعدائك مهمته قبل إسقاطه... فوق المياه العميقة جدا لاستعادة الحمولة»، لتنهال التعليقات الساخرة من طرف متابعيه.

وعلق الملياردير الأميركي إيلون ماسك على خبر إسقاط المنطاد بنشر صورة غريبة على «تويتر» لمنزل تحمله مجموعة من البالونات بينما تستهدفها صواريخ طائرة حربية.

وأعلنت كولومبيا أنها رصدت جسما مماثلا في مجالها الجوي، وقالت قواتها الجوية، مساء السبت، إن أنظمة الدفاع الجوي الوطنية رصدت صباح الثالث من فبراير الجاري جسما طائرا على ارتفاع نحو 17 ألف متر داخل المجال الجوي للبلاد في القطاع الشمالي. وكان الجسم يتحرك بمتوسط سرعة يبلغ نحو 46 كيلومترا في الساعة، مما يظهر «خصائص مشابهة للمنطاد»، وفق تعبيرها، وتعقبت القوات الجوية الكولومبية الجسم عبر أنظمة الدفاع الجوي حتى غادر مجالها الجوي.

وقالت القوات الجوية إنه «لم يشكل أي تهديد للأمن والدفاع الوطنيين ولا لسلامة الطيران»، مضيفة أنها تعمل الآن مع دول أخرى لتحديد مصدر الجسم.