نواب التأزيم والمصالح الخاصة
يقول المتنبي:
إذا أنتَ أكْرَمتَ الكَريمَ مَلَكْتَهُ
وَإنْ أنْتَ أكْرَمتَ اللّئيمَ تَمَرّدَا
هذه صفة من أهم صفات الطبيعة البشرية، فطبيعة البشر متنوعة وليست موحدة، فمنهم الطيب ومنهم الشرير وكريم الخلق واللئيم، وعلى من يدير الدولة أن يكون قادراً على فهم طبيعة الأشخاص الذين يشاركون في صناعة القرار ونواياهم وكيفية التعامل معهم، وعلى هذا الأساس يمكن التعرف على طبيعة الأزمة بين المجلس والحكومة، التي اصطنعها بعض النواب لابتزاز الحكومة وإرغامها على تنفيذ مطالبهم، الضارة بمصلحة الدولة والمهددة لأمنها الاقتصادي والاجتماعي، والتي لا تخدم سوى مصالحهم ومصالح ناخبيهم.
فبالرغم مما قدمته الحكومة من تنازلات عن الكثير من حقوقها الدستورية، تغير رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، ولم تشارك الحكومة في اختيار رئيس المجلس ولا نائبه ولا اللجان البرلمانية، محاولة منها لتخفيف الأزمة القائمة بين المجلس والحكومة منذ أكثر من عام، وسبب الأزمة رفض الحكومة مطالب النواب، لكلفتها المالية العالية وعدم معقوليتها وتعارضها مع مبدأ العدالة بين المواطنين، والتي طالب بها نواب من المجلس السابق ورفضتها الحكومة، لتعارض تلك المطالب مع نصوص الدستور الذي أقسموا جميعاً حكومة ونواباً على احترامه.
كنا نتمنى أن يقابل النواب ما قدمته الحكومة من مبادرات طيبة أثبتت حسن نيتها، بمبادرات أفضل منها أو على الأقل مثلها قال تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا»، ولكن بكل أسف قابل غالبية أعضاء المجلس مبادرات الحكومة الطيبة بمزيد من التعنّت والإصرار على المطالب الضارة بالدولة، فاضطرت الحكومة أن تعلن انسحابها من الجلسات، وعدم قدرتها على التعاون مع أولئك الأعضاء، نتمنى أن يعلم الأعضاء أن مصلحة الدولة فوق مصالح النواب الانتخابية الضيقة.
لقد تحولت الكويت إلى دولة مريضة، وذلك كما يرى كثير من المحللين الاقتصاديين، بعد أن كانت درة من درر الخليج، وكان الأجدر بالنواب دراسة برنامج الحكومة، والتعرف على ما فيه من إيجابيات وسلبيات، ليساهموا مساهمة فعالة في مساعدة الحكومة على تحقيقه، وهو من صميم أعمال المجلسين التشريعي والتنفيذي.
ويشتمل على أمور كثيرة تحتاج لها الدولة، كالصحة والتعليم والشأن الاقتصادي والاجتماعي، بدلاً من إضاعة الوقت لفرض مطالبهم الخاصة والضارة بمصلحة الدولة ومصلحة الأجيال القادمة.