عرفت منطقة الخليج العربي وامتدادها الشامل غرب قارة آسيا وبعض أواسطها بالعواصف الرملية وموجات الغبار التي حتى لو كانت موسمية فإنها بدأت بالازدياد شيئا فشيئا من ناحية حدتها وتأثيرها كذلك، والإحصاءات التقليدية فيما يتعلق بالغبار ليست محل نقاش، فهي متوافرة في عدد كبير من الدراسات حول العالم شاملة تلك الخاصة بمنطقتنا مع التركيز على قياسه ونمذجته كذلك.
لكن ما يجهله الكثيرون أن الغبار، وبحسب منظمة الصحة العالمية، هو المسؤول الأول عن وفاة قرابة 7 ملايين نسمة حول العالم سنويا، علاوة على أنه أحد أهم العوامل الرئيسة المؤثرة في جودة الهواء الداخلي والمسبب الرئيس لاغبرار الأجواء، فيكون معوقاً بذلك الرؤية عادة في كثير من الأوقات على مدار أيام هبوبه، كما أن الغبار، في واقع الحال كملوث ثانوي، يحمل معه العديد من المعادن والمواد الكيميائية، إلا أنه حامل رئيس للميكروبات.
وبسبب ذلك وتوافر البكتريا في الغبار وُضع حدٌّ للسمية من جراء التعرض للغبار لعدد من الساعات يتراوح بين 30 و200 لمجموع السموم الحيوية الداخلية لكل متر مكعب، ومثل هذه الأرقام والدراسات الدقيقة التي بدأت تهتم بها المملكة العربية السعودية مؤخراً كشيء أساسي وجب على الدولة الاهتمام به وعلى مستوى أممي كذلك في جهود متضافرة على مستوى منطقة الخليج.
ونظراً لزيادة موجات الغبار في السنوات الماضية أصبح لزاماً على مراكز الأبحاث والجامعات أن تدفع إلى وجود مجاميع بحثية تربط ظواهر الغبار ومسبباته بالأمراض والوفيات وخلافه من جهة، وتطور حداً خاصاً للسمية البيولوجية بسبب التعرض للغبار في دول الخليج يعبر عن الحالة الخاصة لهذه المنطقة ومواجهتها للغبار سنة بعد سنة من جهة أخرى.
صحيح أن تمويل الأبحاث يخضع لتقليص ميزانياته على مستوى الدولة، إلا أن مثل هذه الأبحاث والدراسات الشمولية علاوة على بعض النطاقات الأخرى الرئيسة، يجب أن تكون محل اهتمام من المشرع والمنفذ في الدولة لما لها من أهمية وخصوصية عالية خصوصاً في دولة الكويت.
فآمل أن أرى مثل هذه الدراسات تظهر في دولنا وتراعي طبيعتها وتتم مراجعتها كذلك بشكل دوري، كما آمل ألا يخضع البحث العلمي إلى نقص وشح في تمويله، فالأمر ليس ترفيّاً وهو ما يفطن له الغرب منذ سنوات عدة.
على الهامش:
من بعد الزلزال الذي تعرضت له كل من سورية وتركيا، لا يسعنا إلا أن ندعو لهم بأن يرحم الله موتاهم ويهون عليهم كربهم، وأن نشكر الجهود المبذولة ممثلة بداية ببادرة سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح في مد جسر إغاثة جوي وحملات المساعدة من كل جهات الدولة، هذه هي دولة الكويت، تجدها دائماً في طليعة الأعمال الإنسانية، فهو واجب إنساني تميزت به الدولة على الدوام.