«سيفريبا» يحتفل بعامه الـ 40... «من اليمن إلى الكويت»
السفيرة لوفليشر تشيد بعمق العلاقات الثقافية والبحثية بين الكويت وفرنسا
وسط حشد دبلوماسي وأكاديمي وإعلامي، وحضور شعبي، احتفل أمس ، المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية (سيفريبا)، والذي يتخذ من الكويت مركزا رئيسيا له، بالذكرى الـ40 على تأسيسه.
ورعت السفيرة الفرنسية لدى البلاد كلير لوفليشر الاحتفال الذي حمل عنوان «من اليمن إلى الكويت... 40 عاماً من الأبحاث المتميزة عن شبه الجزيرة العربية»، والذي تخللته لوحات من الرقص والغناء الشعبي الكويتي.
وفي مؤتمر صحافي على هامش الحفل، أكدت لوفليشر عمق العلاقات الثقافية والبحثية بين الكويت وفرنسا، مشيدة بدور المنظمات والمؤسسات العلمية والثقافية المختلفة الموجودة في البلاد.
علاقات متميزة
وأوضحت لوفليشر أن المركز هو أحد أكبر مراكز الأبحاث الفرنسية في العالم من حيث التغطية الجغرافية والأكبر في العالم العربي، ونحن محظوظون بوجود مركز الأبحاث الفرنسي لشبه الجزيرة العربية في الكويت (سيفريبا)، بفضل علاقاته المتميزة مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وجامعة الكويت والمكتبة الوطنية ودار الآثار الإسلامية والمنظمات العلمية والثقافية المختلفة الموجودة في البلاد.
وأضافت أنه تم التعرف على المركز في الكويت كلاعب رئيسي في البحث بمجال الإنسان والعلوم الاجتماعية، كما أنه النافذة التي تتيح لحوار ثري ومفتوح حول التاريخ أو علم الآثار أو الفكر السياسي أو علم الاجتماع، ولا يشمل فقط الفرنسيين ولكن أيضا مجتمع الباحثين والمتخصصين في هذه التخصصات.
وأشارت إلى الأنشطة والفعاليات التي ينظمها المركز، فضلا عن بعثاته الأثرية التي تغطي أراضي شبه الجزيرة العربية، مضيفة أن المركز يشارك بنشاط في حماية التراث المهدد بالتوسع في تخطيط المدن الحديث أو مناطق النزاع، كما ينفذ العديد من أعضاء المركز مشاريع لترميم الآثار القديمة، وأرشفتها وفهرستها وحصرها بهدف حمايتها ونقلها إلى الأجيال القادمة.
وتابعت: «مكن هذا الإجراء أيضا المركز من دعم سلطات العديد من بلدان شبه الجزيرة العربية، بهدف إدراج اليونسكو لمواقع معينة كمواقع تراث عالمي»، لافتة إلى أن العديد من أعضاء المركز هم خبراء مع اليونسكو، ويعملون مع عدة مؤسسات أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف المساعدة في الحفاظ على التراث المادي وغير المادي وتعزيزه.
تمويل المركز
بدوره، ذكر مدير «سيفريبا» د. مكرم عباس أن المركز يعد أكبر مركز فرنسي للأبحاث بالعالم العربي، ويغطي 7 دول، هي الكويت، حيث المقر الرئيسي، والسعودية واليمن والإمارات وعمان وقطر والبحرين.
وأوضح د. عباس أن «تمويل المركز يأتينا من وزارة الخارجية الفرنسية ومن المركز الوطني للبحوث العلمية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في فرنسا، وبدورها تدعمنا الكويت دعما مهما جدا، من خلال توفيرها لمقرنا»، متوجها بالشكر إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ووزارة الاعلام «لدعمهم لنا في كل نشاطاتنا».
وتحدث عن أحدث الاكتشافات التي عثر عليها في الكويت، مبينا أن المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية، بين عامي 2012 و2013، اكتشف فريق التنقيب الفرنسي وجود آثار لدير وكنيسة، ثم تم الكشف عنها تدريجيا لدراسة هذه الآثار حتى أصبحت الصورة واضحة عام 2018.
الإسكندر المقدوني
وتابع عباس: «إضافة الى موقع القلعة الذي نجد فيه حضور ما تبقى من جيش الإسكندر المقدوني عندما مر بفيلكا، ما يعكس وجود حضارة مشتركة بين الشرق والغرب، واكتشف الفريق الفرنسي، بمؤازرة فريق من الكويتيين وفرق تنقيب أجنبية أخرى، وجود آثار لدير وكنيسة ومجتمع مسيحي يعود الى القرن الثامن».
وأضاف أنه «حتى بعد ظهور الإسلام، وتحديدا الفترة العباسية، ظل هذا الوجود قائما في جزيرة فيلكا، ما يعني أنه كان هناك نوع من التعايش بين الاسلام والمسيحية في الكويت»، كما تحدث عن اكتشافات في منطقة نجران وفي الحما وفي العلا بالسعودية، حيث توجد فرق آثار تعمل على إبراز أهمية هذه المنطقة الجغرافية من الجزيرة العربية على المستوى التاريخي والحضاري والانساني، «وأصبح لدينا العديد من المعلومات التي غيرت صورتنا بشكل تدريجي عن شبه الجزيرة العربية».
نبذة مختصرة عن المركز
تأسس المركز الفرنسي للدراسات اليمنية (CFEY) عام 1982 في صنعاء بمبادرة من كريستيان روبان وريمي أودوان، وكان الغرض منه استضافة البعثات الأثرية والباحثين في العلوم الاجتماعية العاملين على أراضي الجمهورية العربية اليمنية السابقة، وأعيدت تسميته بـ«المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية في صنعاء» (CEFAS) عام 2001، وتوسع مجال اختصاصه فأصبح يستضيف أحيانا الطلاب والباحثين الذين يعملون أيضا في البلدان المجاورة (إريتريا والسعودية وعمان).
وفي عام 2002، عززت الاتفاقيات المبرمة بين وزارة الخارجية الفرنسية والمركز الوطني للأبحاث العلمية (CNRS) قاعدته العلمية من خلال السماح بتعيين موظفين من هذه المؤسسة وإنشاء وحدة مختلطة للخدمات والبحوث USR) 3141)، وفي عام 2013، وبمبادرة من هيئاته الإشرافية، أصبح CEFAS معهدا إقليميا متمتعا بكفاءة تشمل جميع دول شبه الجزيرة العربية (الكويت، اليمن، الإمارات، قطر، السعودية، البحرين، عمان).
وفي عام 2015، أتاحت اتفاقية بين السلطات الكويتية ووزارة الخارجية الفرنسية فتح فرع في مدينة الكويت، وفي عام 2021، أصبح CEFAS «المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية» (CEFREPA)، ثم أصبحت مدينة الكويت المقر الرئيسي له عام 2022.