مرافعة: السجل العيني مكانك راوح!
رغم صدور قانون السجل العيني رقم 21 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية منذ قرابة ثلاثة أعوام، فإن الواقع العملي يشهد عدم تطبيق أحكامه حتى الآن، رغم أن «عرَّاب» هذا القانون، والمطالب بإصداره، هي وزارة العدل، التي تمتنع اليوم عن تنفيذ أحكامه!
وبينما تنص أحكام القانون على سريان أحكامه بعد عام كامل من نشره، إلا أن الوزارة لم تحرِّك حتى الآن ساكناً تجاه ذلك الأمر، ولم تتخذ أي قرارات عملية لإدخال أحكامه حيز التنفيذ حال مراجعتها، من أجل تسجيل الدعاوى القضائية، سواء عند رفعها، أو المتداولة أمام المحاكم، وفق ما تشير أحكام القانون من وجوب تسجيل هذه الدعاوى، حسب المادتين 14و15 منه.
ومثل ذلك العجز الإداري عن تطبيق أحكام القانون لقرابة ثلاثة أعوام، رغم سريان أحكامه، ينم عن أمرين، الأول: ثبوت عدم حاجة الوزارة لأحكام هذا القانون، وتمسكها بأحكام التسجيل العقاري حتى الآن، والذي مازالت تعمل على تطبيقه فيما يخص التأشير في السجل العقاري عند رفع صحف الدعاوى، وهو أمر، إذا صح، فإنه يستدعي تحرك الوزارة لإلغاء قانون السجل العيني، لكونه أصبح عبئاً واقعياً غير مبرر.
بينما الأمر الثاني، الداعي إلى عدم التطبيق، هو أن الوزارة ليست لديها القدرة البشرية والفنية، لارتباطها مع جهات أخرى لإنفاذ أحكام هذا القانون حتى الآن. وإن صح هذا الأمر، فهو بلاشك يستدعي من الوزارة والقائمين عليها العمل على تطوير إداراتها وأجهزتها، لمواكبة أحكام هذا القانون، والعمل سريعاً على تنفيذه، بالتنسيق مع باقي أجهزة الدولة، كالبلدية وأملاك الدولة، فمرور ثلاث سنوات على عدم تطبيق القانون أمر غير مبرر!
والربكة التي أحدثها صدور قانون السجل العيني ونفاذه قانونياً أشار إليها الحكم الصادر من محكمة التمييز في الطعن رقم 4082/2021 تجاري بتاريخ 25/5/2022، الذي أكد نفاذ أحكام القانون، وهو ما أدى إلى عدم سماع القضاء لأي دعاوى أو مطالبات لا يتم قيدها لدى إدارة السجل العيني في وزارة العدل نفاذاً لهذا القانون، وعند اللجوء إلى الوزارة وفق ما أشارت أحكام قضائية أخرى صادرة من دوائر محكمة الاستئناف تؤكد عدم دخول أحكام القانون حيز التنفيذ حتى الآن، لعدم مباشرة الإدارة المعنية بذلك لأعمالها!
ومثل ذلك الارتباك في التعامل مع أحكام القانون يستدعي التحرك بشأنه من القائمين على الوزارة، وهو أمر لا يُسأل عنه المواطن المتقاضي أو يتضرر به، وإنما تُسأل عنه وزارة العدل، التي قد تكون اليوم مسؤولة عن تعويض كل من تضرر من جراء الامتناع عن قيد دعواه وأدى تراخيها في التطبيق لأحكام القانون إلى صدور أحكام بسقوط الحقوق، أو تسبب في التأخير في تحصيلها، رغم نفاذ أحكام القانون لقرابة الثلاث سنوات، علاوة على ما يُثار بوجود شبهة بعدم دستورية أحد أحكامه، لتعارضها مع حق الملكية.