بحكومة ومجلس أو سادة، الحال لا يفرق كثيراً فهو جامد أصلاً منذ سنوات، وكأن الكويت تقع في عالم موازٍ للكرة الأرضية، أما من يدعي وقوف الحال فإنه يقصد حاله هو، فعند غياب الحكومة لا يوجد من يمكن ابتزازه لتخليص معاملات الناخبين أو لاستجوابه وخلق معركة للاستفادة شعبياً وانتخابياً أو مادياً من عمليات تهييج وفرز الشارع أفقياً وعمودياً.
من يشكو وقوف الحال بسبب تعطل الجلسات يفترض به في المقابل أن يكون حاملاً لمشاريع قوانين أو لديه ما يقدمه من أفكار واقتراحات معقولة ومنطقية على الأقل، بالإضافة طبعاً إلى الرقابة الجادة والموضوعية، أما حكاية إلقاء اللوم على الحكومة بحجة أن بيدها كل شيء، وتهيمن على مصالح الدولة، فهو ليس إلا تنصلاً من المسؤوليات ودليل عجز أصلاً عن فهم الدستور ودور النائب وآلية عمل الدول ومؤسساتها، ويبدو الأمر وكأنهم ارتاحوا لوجود النص الدستوري ليعفيهم من المسؤولية والتفكير أيضاً، وأصبح كل ما يجري وكأنه تواطؤ خفي، أو في أفضل الأحوال استسلام ضمني لفكرة المشيخة أو الحكم العشائري، وإن بدا الأمر عكس ذلك بسبب تغطيته بالشعارات والكلمات الرنانة والمحاولات الجادة بنفس الوقت للتمويه والإنكار بافتعال المناكفات والمعارك والاستجوابات، كي نمثل أننا مشرعون والشيوخ يمثلون أنهم ديموقراطيون حين استجابوا لنا بطلبات استنزاف الهبات والأموال برضا طوال العمر الذين بيدهم الأمر والنهي، فنحن لا نملك ما نقدمه، وهم كذلك، فلنوزع الأموال وليفرح الجميع، ليتقلص بعدها دور النائب من رجل دولة يمارس الرقابة الجادة والتشريع الجيد إلى روبن هود منتخب لا أكثر، بحجة الهيمنة المزعومة التي لا تعدو كونها كذبة كبيرة ارتاحوا لها جميعاً لتغطي على إفلاس وضحالة رجال المرحلة السوداء التي نمر بها، فلو كانت كل الأمور بيد الحكومة، كما يرددون دائماً، فالمسألة ليست بصالح أحد على المدى البعيد، فما الحاجة لكم إذن ولمجلس الأمة من الأساس؟!
الحكومات المتوالية غارقة في التقصير وسوء الإدارة من قبل الغزو، ونعرف مكامن الخلل وأسبابه وجذوره، ونعلم كل ذلك وأكثر، ولا نحتاج صراخاً لنتيقن منه، كما نميز كذلك بين من يسعى للإصلاح ومدمن لوم الغير والتعليق على الشماعات، لذا ما لم يكن هناك نواب جادون يقدرون الصالح العام، ويتحلون بروح المسؤولية، ويسعون لتصحيح مسار الحكومات وتصويب هيمنتها بواسطة القوانين المدروسة والعمل التشريعي الحصيف، وذلك بقدر سعيهم للإثارة وإطلاق التصريحات والتعليقات الظريفة على الهايف من الأمور والأحداث المحلية والعالمية، فسيظل حالنا كأعمى يقود أعمى، تماماً مثلما حصل مع الشيخين حسني وعبيد في فيلم «الكيت الكات» إلى أن غرق بهما المركب، وعلى أمل ألا نكون قد تعودنا على الغرق لا سمح الله.