سورية: عراقيل بوجه المساعدات... والأسد ينتقد الغرب
مدير «الصحة العالمية» يتفقد الدمار في حلب و«الخوذ البيضاء» وصلت إلى 5% فقط من المنازل المتضررة
بعد 6 أيام من وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب طرفي الحدود التركية- السورية الاثنين الماضي، وتسبب في دمار واسع بمناطق عدة تخضع للحكومة السورية وللمعارضة المسلحة المدعومة من أنقرة، طفت تجاذبات على الساحة السورية الداخلية والساحة الدولية تهدد بعرقلة المساعدات الإغاثية الضرورية للآلاف من المشردين والمصابين في ظل تضاؤل فرص العثور على ناجين تحت الأنقاض.
وبالتزامن مع ذلك، قام مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس ادهانوم غيبريسوس، بجولة مع وزير الصحة بحكومة الرئيس بشار الأسد على بعض المشافي ومراكز الإيواء في مدينة حلب التي استقبلت المتضررين جراء الزلزال الذي ضرب محافظات إدلب وحماة وحلب واللاذقية.
وأعلن غيبريسوس، أن المنظمة قدمت مستلزمات طبية وصحية تقدر بنحو 37 طناً لسورية لتمكين العاملين من تقديم الخدمات الصحية المطلوبة بعد الزلزال، بالتزامن مع دخول قافلة مساعدات أممية تضم 22 شاحنة إلى مناطق المعارضة عبر معبر «باب الهوى» التركي.
في موازاة ذلك، أعرب منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيث عن أمله وصول المساعدات بشكل أوسع وأسرع إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمعارضة في سورية دون عراقيل، لكنه أكد أن «الأمر لم يتضح بعد».
ولفت غريفيث إلى أن الأمم المتحدة تخصص 25 مليون دولار إضافية، لدعم المساعدات الإنسانية في سورية، وتعتزم توجيه مناشدة قريباً لعملية تستمر 3 أشهر في سورية وتركيا.
وجاء ذلك، عشية بدء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشة إمكانية السماح للأمم المتحدة بتوصيل مساعدات إلى مناطق، بشمال غرب سورية، تضخع لسيطرة المعارضة المسلحة عبر أكثر من معبر حدودي تركي في خطوة لا تعتقد روسيا حليفة الحكومة السورية بأنها ضرورية.
وأمس ، أعرب بعض الدبلوماسيين عن إحباطهم من تباطؤ المجلس المؤلف من 15 عضوا في التحرك، بعد أن ضغط الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أجل مزيد من الوصول إلى شمال غرب سورية عبر تركيا.
خطة وغضب
وقبل وصول المسؤول الدولي إلى مطار حلب الدولي، أعلن الرئيس السوري أن حكومته تستعد لوضع خطة خلال الأيام المقبلة تتضمن مشاريع لمساعدة المحافظات المتضررة جراء الزلزال على النهوض. وقام الرئيس السوري وعقيلته أسماء، اليوم ، بتفقد مواقع الإنقاذ في جبلة باللاذقية، حيث اتهم الأسد القوى الغربية ب «الازدواجية» في التعامل مع الكارثة وتداعياتها، معربا عن شكره للحكومة الروسية لمساعدتها الشعب السوري في محنته.
ويأتي اتهام الأسد للغرب بازدواجية المعايير رغم إعلان «الاتحاد الأوروبي» الخميس الماضي أنه بدأ بالفعل في إرسال مساعدات إلى دمشق بعد أن طلبت حكومتها تفعيل آلية مساعدة أوروبية للإنقاذ والإغاثة وتأكيد الولايات المتحدة أن عقوباتها المفروضة على النظام السوري لا تعوق وصول المساعدات الضرورية لمواجهة الأزمة الناجمة عن الزلزال، بما في ذلك إلى المناطق الخاضعة لحكومة الأسد، ومن دون أن يعني ذلك تطبيعاً مع نظامه السياسي.
انتقاد وتحذير
وفي حين وصل عدد ضحايا الزلزال في عموم البلد إلى 4 آلاف و487 قتيلا و7 آلاف و396 مصابا، تداول رواد موقع تواصل اجتماعي مقاطع فيديو وصوراً تظهر الرئيس السوري خلال جولته بحلب واللاذقية، منتقدين «الابتسامة والضحكات التي لم تفارقه رغم وجوده وسط أكوم أنقاض المنازل المدمرة التي تستغيث لإنقاذ الأحياء وانتشال الأموات».
عدد ضحايا الزلزال في عموم سورية يقفز إلى 4 آلاف و487 قتيلاً و7 آلاف و396 مصاباً
ورأى مراقبون ومحللون أن الحكومة السورية «تحاول استثمار كارثة الزلزال لتحقيق مكاسب سياسية، في مقدمتها رفع العقوبات الغربية وتطبيع العلاقات مع المحيط الإقليمي العربي، وهذا تجلى واضحاً في مختلف تصريحات المسؤولين الموالين».
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، إن بشار الأسد زار الأماكن المنكوبة في حلب، وهو يوزع الابتسامات، بينما جثامين المواطنين تحت الأنقاض.
وأضاف عبدالرحمن أن «نحو 4500 إنسان لقوا حتفهم بشكل قطعي من السوريين داخل الأراضي السورية فقط. ولا نتحدث عن الذين جيء بهم من تركيا وهم 975 دخلوا عبر معبر باب الهوى إلى الأراضي السورية، وليست هذه الأرقام النهائية، لأن هناك مفقودين تحت الأنقاض».
وتابع: «هناك الكثير من القرى لم تصل إليها فرق الإنقاذ تم دفن الموتى بها من قبل الأهالي. وفي مناطق سيطرة النظام هناك 21 قرية وبلدة في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الجنوبي كان هناك ضحايا وجرى دفنهم. الأرقام كبيرة جداً، والأمل بمعجزة للعثور على ناجين تحت ركام المباني التي انهارت».
وأشار مدير المرصد المعارض إلى وجود فرق إغاثة عربية لم تتمكن حتى الآن من بدء مساعدة من هم على قيد الحياة من المشردين والمصابين، لأن الحكومة السورية لا تملك المازوت من أجل أن تشغل الآليات.
في موازاة ذلك، حذرت «الخوذ البيضاء»، الدفاع المدني بالمناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة، من أن المعدات التي طالب بها للمساعدة في رفع الانقاض لم تصل رغم مرور 6 أيام على وقوع الكارثة، مؤكدة أنها لم تتمكن من الوصول إلا إلى 5 في المئة من المباني المتضررة.