في قراءته لمشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023/2024، رأى تقرير مركز «الشال» أن هذا المشروع جاء مخالفاً لكل المعلن من نوايا الإصلاح المالي بما في ذلك المنصوص عليه في برنامج الحكومة الحالية.
وذكر التقرير أنه في وقت تنخفض تقديرات الإيرادات العامة 14.2%، تتجه النفقات العامة إلى زيادة غير مسبوقة بنسبة 11.7% خلافاً لمنطق الأمور، لافتاً إلى أن «خطورة ذلك المؤشر تكمن في إقراره أن النفقات العامة خرجت عن السيطرة ولم تعد مرنة وسترتفع مستقبلاً».
وأوضح أن تحليل تلك الأرقام يؤكد بشكل قاطع أن ارتفاع النفقات العامة ليس فقط غير مسبوق وليس فقط معاكساً لنوايا الإصلاح المالي، وإنما هو أيضاً مخالف لكل نوايا الإصلاح الاقتصادي، ويعمل على توسعة فجوات الاقتصاد الهيكلية، مبيناً أن النفقات الجارية ارتفعت مساهمتها في إجمالي النفقات العامة من 87.5% للسنة المالية الحالية 2022/2023، إلى 90.5% في مشروع الموازنة المقبلة، مما يعني أن الأموال المتاحة لخلق فرص عمل وإصلاح التعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية، أي تنمية الموارد المالية والبشرية، تتلاشى لحساب توزيع الموارد المتاحة حالياً.
وأكد أن «عدم استدامة سوق العمل ببلوغ نصيب الرواتب والأجور والدعوم 79.3% من جملة النفقات العامة في مشروع الموازنة القادمة مقابل 74.7% في الحالية، يعني تهديداً حقيقياً بالبطالة السافرة والمتنامية لصغار الشباب والشابات القادمين قريباً إلى سوق العمل».
ولفت التقرير إلى أنه مع تغير الأساس في مشروع الموازنة القادمة إلى 26.3 مليار دينار، ستحتاج الكويت في السنة المالية 2036/2037 إلى نحو 43 مليار دينار لتغطية نفقاتها العامة، مما يعني أن استدامة المالية العامة مستحيلة.
ورأى أنه «ما لم يتغير نهج تشكيل الحكومة الجديدة، فإنها ستطالب بالسماح لها بالاقتراض من السوق العالمي أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة لشراء بعض الوقت وتعميق ضرر المالية العامة، وإن تحقق لها ذلك، فسوف تقود البلد إلى مأزق مالي واقتصادي قد يستحيل تجاوزه.
وعما ورد في المقدمة التسويقية لمشروع الموازنة من تحجج بأن ضمن النفقات العامة استحقاقات متأخرة لوزارتي النفط والكهرباء، فهي نفقات مستحقة تأخر سدادها، ولو دفعت في وقتها لرفعت مستويات الإنفاق السابقة بنفس الرقم البالغ 1.064 مليار دينار، كما أنها تظل تمثل 38% من زيادة النفقات العامة في المشروع، أما 62% المتبقية فنفقات جارية جديدة، ومن ضمنها شراء إجازات كل العاملين في القطاع العام، وهي بدعة فريدة من نوعها في العالم.
وفي تفاصيل الخبر:
قال تقرير مركز «الشال»، إن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023/2024 جاء مخالفاً لكل المعلن من نوايا الإصلاح المالي شاملاً ما نص عليه برنامج الحكومة الحالية، تلك المخالفة قاطعة عند استعراض ملخص الأرقام، وهي صحيحة أيضاً عند استعراض نقاط المقدمة الأربع، وجميعها خاطئة.
في التفاصيل، وفي جانب الأرقام، انخفضت تقديرات الإيرادات العامة بنسبة 14.2%، بينما اتجهت النفقات العامة إلى زيادة غير مسبوقة وبنسبة 11.7% خلافاً لمنطق الأمور، وخطورة ذلك المؤشر تكمن في إقراره بأن النفقات العامة خرجت عن السيطرة ولم تعد مرنة وسوف ترتفع في المستقبل مهما انخفضت الإيرادات العامة.
وتحليل تفاصيل تلك الأرقام يؤكد بشكل قاطع بأن ارتفاع النفقات العامة ليس فقط غير مسبوق وغير مستدام، وليس فقط معاكساً لنوايا الإصلاح المالي، وإنما هو أيضاً مخالف لكل نوايا الإصلاح الاقتصادي، ويعمل على توسعة فجوات الاقتصاد الهيكلية.
والنفقات الجارية ارتفعت مساهمتها في إجمالي النفقات العامة من 87.5% للسنة المالية الحالية 2022/2023، إلى 90.5% في مشروع الموازنة القادمة، ذلك يعني أن الأموال المتاحة لخلق فرص عمل وإصلاح التعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية، أي تنمية الموارد المالية والبشرية، تتلاشى لحساب توزيع الموارد المتاحة حالياً.
وعدم استدامة سوق العمل ببلوغ نصيب الرواتب والأجور والدعوم ما نسبته 79.3% من جملة النفقات العامة في مشروع الموازنة القادمة مقابل 74.7% في الموازنة الحالية، يعني تهديداً حقيقياً بالبطالة السافرة والمتنامية لصغار الشباب والشابات القادمين قريباً إلى سوق العمل.
وكنا متفائلين في فقرة من تقريرنا الأسبوع قبل الفائت عندما افترضنا بأن مشروع الموازنة العامة للسنة المالية 2023/2024 سوف يبدأ من جملة نفقات عامة بحدود 23 مليار دينار، بعد وفر بنحو 0.5 مليار دينار، عند صدور الحساب الختامي.
وافترضنا تبني حصافة مالية تفرضها ظروف واقع هبوط أسعار وإنتاج النفط ومأزق عدم استدامة سوق العمل، وأن تلك الحصافة سوف تعني ارتفاع معدل النفقات العامة في الخمسة عشر سنة القادمة بمعدل هو الأدنى تاريخياً أو بنحو 62% كما حدث بعد تحرير الكويت.
وتلك الفرضيات المتحفظة خلصت إلى حاجة الكويت إلى نحو 37 مليار دينار لتغطية نفقاتها العامة بحلول السنة المالية 2036/2037، ومع تغير الأساس في مشروع الموازنة القادمة إلى 26.3 مليار دينار، سوف تحتاج الكويت في السنة المالية 2036/2037 إلى نحو 43 مليار دينار لتغطية نفقاتها العامة، ذلك يعني أن استدامة المالية العامة مستحيلة.
ومالم يتغير نهج تشكيلها، سوف تطالب الحكومة الجديدة بالسماح لها بالاقتراض من السوق العالمي أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة لشراء بعض الوقت وتعميق ضرر المالية العامة، وإن تحقق لها ذلك، سوف تقود البلد إلى مأزق مالي واقتصادي قد يستحيل تجاوزه.
وعودة إلى النقاط الأربع في المقدمة التسويقية لمشروع الموازنة، وكلها خاطئة كما أسلفنا، فالإيرادات العامة لم ترتفع نتيجة جهد أو إصلاح كما نصت النقطة الأولى، وإنما مجرد تغيير في قيود محاسبية.
ثانيها كان الحديث عن تحفظ حصيف للحكومة في تقدير سعر برميل النفط الكويتي في مشروع الموازنة عند 70 دولاراً أميركياً، وهو أمر ليس له أي معنى، فأسعار وإنتاج النفط متغيران يحكمهما متغيرات سوق النفط، وهما خارج قدرة السلطات المحلية على التأثير عليهما.
وثالثها التحجج بأن ضمن النفقات العامة استحقاقات متأخرة لوزراتي النفط والكهرباء، وهي في الواقع نفقات مستحقة تأخر سدادها، ولو دفعت في وقتها لرفعت من مستويات الإنفاق السابقة بنفس الرقم البالغ 1.064 مليار دينار، وتظل تمثل 38% من زيادة النفقات العامة في مشروع الموازنة، والباقي أو 62% نفقات جارية جديدة، وضمن الباقي شراء إجازات كل العاملين في القطاع العام وهي بدعة فريدة من نوعها في العالم.
ورابعها كلام مناقض لكل ما نطقت به أرقام المشروع، ومحتواه هو أن الدولة تتبع خطة محكمة لزيادة الإيرادات غير النفطية وإصلاح وتقنين وترشيد وزيادة كفاءة الإنفاق، ولم نرَ في المشروع سوى اتجاهاً معاكساً لمنطق تلك الجملة.