بقاء الحصار الدولي على سورية اليوم هو جريمة مستمرة فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بعد أحداث الربيع العربي، ومحاولة تشكيل نتائج هذا الربيع وفق مصالح الهيمنة الغربية، وإذا لم يكن الزلزال المدمر في جنوب تركيا وشمال سورية سبباً إنسانياً لرفع هذا الحصار، لتسهيل مرور المساعدات الدولية، فماذا سيكون العذر لديمومته؟

ندرك أن المناطق الشمالية التي أصابها الزلزال مفتتة السيادة الفعلية بين جماعات معارضة للنظام السوري، وأجزاء تخضع لسيادة الدولة السورية، وعذر عدم وصول المساعدات إلى تلك المناطق هو الدمار الناتج من الحرب، مثل معبر باب الهوى، لكن هذا لا يبرر أن يبقى الوضع على حاله.

Ad

عمرو هادي، مدون سوري بموقع درج، لخص الوضع المأساوي في الشمال السوري، ناقلاً العبارات التالية لأحد ضحايا الزلزال: «... عمري ما خفت هالقد، حتى لما كنا بعز الحرب، 40 ثانية من الزلزال بتساوي 12 سنة حرب»... في أيام الحرب كان يمكن الهروب من القصف باللجوء لأماكن آمنة، بالزلزال لا مفر.

فرض الحصار والعقوبات الدولية، بهدف معاقبة النظام السوري وإضعافه، لم يحقق نتائجه، كما لم يحدث سابقاً مع فرض الحصار على العراق أيام حكم صدام، فلم يضعف ذلك الأخير، بل زاد قوة وبطشاً، وإنما الذي كان يدفع ضريبة العقوبات هو الشعب العراقي، واليوم يدفعها الشعب السوري بكل طوائفه.

إذا كان من يرى أن الحرب الأهلية - إن صحت التسمية - قتلت من الضحايا أكثر بمئات آلاف المرات من الزلزال، فهذا قياس فاسد، ففي الحرب هناك صراع إرادات بشرية رافقتها فيما بعد تدخلات أجنبية، بينما الزلزال هو وليد القضاء والقدر، وهو مصيبة لا يمكن دفعها، وإنما يمكن التخفيف من ويلاتها إذا كان للبؤساء أي اعتبار.

الدعوة اليوم لرفع الحصار عن سورية واجبة، وعساها تنطلق من دول الخليج، فهذا يعد من أضعف الإيمان، وما يمكن فعله للتخفيف من معاناة الإنسان السوري.