«البورصة»: منع تسجيل العقارات لوجود «أجنبي» إساءة لسمعة الشركات وطرد للمستثمر
«الجريدة●»: تنشر الرأي القانوني لبورصة الكويت بشأن المادة 8 من المرسوم 74 لعام 1979
وتنشر «الجريدة» ورقة قانونية تحمل رأي البورصة رداً على استفسار لإحدى الشركات المدرجة جاء نصه كما يلي:
بالإشارة إلى طلبكم لرأي البورصة فما يخص طلب إدارة التسجيل العقاري تحديد ملكية غير الكويتيين في شركتكم بمناسبة النظر في معاملة تسجيل عقار باسمكم، وذلك بغرض بحث مجال انطباق نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 بتنظيم تملك غير الكويتيين للعقارات في شأن تلك المعاملة، ولكي يُمكننا الرد على استفساركم يجب تناول المسائل القانونية وكذا النواحي العملية على حدٍ سواء من أجل الوقوف على الإجابة الملائمة لكل تلك الاستفسارات، وعليه يتلخص ردنا في الآتي:-
عند صدور المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 المُشار إليه كانت نصوص قانون الشركات المعمول بها في تلك الفترة (القانون رقم 15 لسنة 1960) لا تسمح بأن يتملك غير الكويتيين – كأصل عام – أسهم الشركات المساهمة حيث كانت تنص المادة 68 من قانون الشركات 15 لسنة 1960 على أن (كل شركة مساهمة تُؤسس في الكويت تكون كويتية الجنسية، ويجب أن يكون جميع الشركاء من الكويتيين، وأن يكون المركز الرئيسي للشركة في الكويت.
نحذر من أزمة عاصفة للاقتصاد بسبب قانون عفا عليه الزمن
هذا الوضع يعني بطلان كل التصرفات العقارية التي تمت آخر 20 عاماً
ومع ذلك يجوز استثناء أن يكون بعض الشركاء غير كويتيين، إذا دعت الحاجة إلى استثمار رأسمال أجنبي أو خبرة أجنبية بشرط ألا تقل نسبة رأسمال الكويتيين من الشركة عن 51 بالمئة من رأسمال الشركة، وبشرط الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الحكومية المختصة).
مما مفاده أنه كان محظوراً – كأصل عام – على غير الكويتيين تملك أسهم شركات المساهمة أو الاشتراك في تأسيسها، ويجوز استثناء أن يتملك غير الكويتيين تلك الأسهم بشرط الحصول على ترخيص من الجهة المختصة، وهي وزارة التجارة والصناعة، وفي ظل هذا الوضع كان دخول غير الكويتيين إلى شركات المساهمة يتطلب ترخيصاً خاصاً لكل حالة، بعد أن تُجري الوزارة دراسة للتأكد من توافر شروط هذا الترخيص، والمُتمثلة في الحاجة لاستثمار رأس المال الأجنبي أو الخبرة الأجنبية، وبطبيعة الحال فإن من تتوافر فيه تلك الشروط يكون شريكاً استراتيجياً، بمعنى أنه سوف يدخل الشركة ليبقى فيها فترة من الزمن ليست بالقصيرة، الأمر الذي كان يتناغم مع نصوص المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979، حيث كان من الممكن الوقوف على دخول غير الكويتي في أي شركة مساهمة عند إصدار ترخيصاً بذلك من وزارة التجارة والصناعة، وبالتالي كانت هناك إمكانية لتطبيق أحكام المرسوم بقانون المُشار إليه ومراقبة الشركات من حيث عدم جواز تملكها للعقارات إذا كان بها شريكاً غير كويتي، كما يُمكن في ذات الوقت مُراقبة التزام الشركات بهذا الحظر ومن ثم إجبارها على التخلص من عقاراتها خلال سنة من تاريخ انتقال نصيب الشريك الكويتي إلى غير الكويتي.
السماح بتملك الأسهم
واستمر هذا الوضع إلى أن صدر القانون رقم 20 لسنة 2000 بشأن السماح لغير الكويتيين بتملك الأسهم في شركات المساهمة الكويتية، حيث أجازت المادة رقم (1) من هذا القانون لغير الكويتيين تملك الأسهم، ونصت على أنه: (يجوز لغير الكويتيين تملك الأسهم في شركات المساهمة الكويتية القائمة وقت العمل بهذا القانون أو التي تُؤسس بعد العمل به، كما يجوز لهم الاشتراك في تأسيس هذه الشركات، وذلك وفقاً لأحكام المواد التالية).
هل يعقل أن تباع عقارات الشركات المدرجة جبراً؟وهل يستوعب السوق ذلك؟
هل يجوز أن تُجبَر كل شركة على إيقاف نشاطها لمجرد أن «أجنبياً» تملّك سهماً بها؟
كما نصت المادة رقم (2) من القانون رقم 20 لسنة 2000 المُشار إليه على أنه: (تُحدد بقرار من وزير التجارة والصناعة بعد موافقة مجلس الوزراء ضوابط مساهمة غير الكويتيين في شركات المساهمة الكويتية بما في ذلك الحد الأقصى لما يمتلكونه من أسهمها والحقوق المُترتبة على ذلك).
وترتيباً على التفويض التشريعي الممنوح لوزير التجارة والصناعة بشأن إصدار الضوابط المُتعلقة بمساهمة غير الكويتيين في شركات المساهمة، فقد أصدر قرار رقم (205) لعام 2000 بشأن ضوابط مساهمة غير الكويتيين في شركات المساهمة الكويتية، حيث نص هذا القرار في المادة رقم (2) على أنه: (مع مراعاة حكم المادة الثالثة من هذا القرار يسمح لغير الكويتيين بتملك وتداول أسهم الشركات المساهمة المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية وفقاً للضوابط المبينة في هذا القرار، كما يُسمح لهم بالاشتراك في تأسيس شركات المساهمة العامة وفقاً للإجراءات المقررة في هذا الشأن بالنسبة للكويتيين).
أسهم الشركات المدرجة
وإذ سُمح لغير الكويتيين بتملك وتداول أسهم الشركات المدرجة في البورصة، فكان من المنطقي أن تُطبق عليها آليات التداول في البورصة التي تتسم بالديناميكية والحركة السريعة، والتغير المستمر، حيث تجري عمليات البيع والشراء في البورصة وفق نظم آلية غاية في السرعة والتعقيد، فيكفي أن نُشير إلى أن متوسط الصفقات اليومية في البورصة يبلغ حوالي 12 ألف صفقة، ومن ثم تتغير الملكيات في الشركات المدرجة بشكل مستمر كل يوم، فالمساهمون في هذه اللحظة أو هذا اليوم قد يُصبحوا غير مساهمين في اللحظة أو اليوم الذي يليه، وهكذا...
القانون سيؤثر على ترقية بورصة الكويت وقد يسحب منها ترقياتها
أحد مبررات ترقية البورصة تسهيل تدفق الأموال الأجنبية للسوق الكويتي
وقد يترتب على ذلك أن يقوم أحد المتداولين من غير الكويتيين بشراء أسهم شركة مدرجة ثم يقوم في اليوم التالي ببيعها، ثم يأتي غيره ليقوم بالشراء ثم البيع، وهذه الحركة مستمرة بشكل لا يمكن ملاحقتها أو مسايرتها للتعرف عما إذا كان هناك مساهمون غير كويتيين مستمرين في الشركة المدرجة من عدمه، ومن ثم يكون من المستحيل مراقبة دخول وخروج غير الكويتي على أسهم الشركة المدرجة من أجل إخضاعها لنص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 المُشار إليه، خاصةً أن الشركة المُدرجة لا تملك سيطرة على تداول أسهمها، فدخول وخروج المساهمين يتم بشكل آلي وتلقائي دون تدخل الشركة المُدرجة، والقول بتطبيق الحظر المنصوص عليه في المادة (8) المشار إليها يؤدي إلى نتيجة فائقة الغرابة مفادها بأن الشركات العقارية المدرجة سوف تتوقف عن ممارسة أغراضها الرئيسية إذا قرر أي شخص غير كويتي أن يشتري عدداً حتى لو كان قليل من أسهمها عن طريق التداول في البورصة، بل قد تُباع عقاراتها جبراً عنها فيما لو حدث ذلك!
تحذيرات من أزمة عاصفة
وبصدور القانون رقم 20 لسنة 2000 المُشار إليه، وقرار وزير التجارة والصناعة رقم 205 لسنة 2000، أصبح من الجائز لغير الكويتيين تملك أسهم الشركات المُدرجة، وكان معلوماً في ذلك الوقت أن أغلب الشركات المُدرجة خاصةً العقارية منها تتملك عقارات، بل أن الشركات المُدرجة بحجمها الضخم ومصادرها الكبيرة تملك جزءاً كبيراً من الثروة العقارية في البلاد، وهذا كان واضحاً من خلال بياناتها المالية وإفصاحاتها اليومية المُعلنة في البورصة، ومن ثم فإن اتجاه المُشرّع نحو السماح لغير الكويتيين بتملك أسهم تلك الشركات المدرجة من شأنه تقييد انطباق نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 وإلغاؤه ضمنياً فيما يتعلق بشركات المساهمة المُدرجة، ذلك أن المُشرّع بإصداره القانون رقم 20 لسنة 2000 سمح لغير الكويتيين بتملك أسهم شركات مُدرجة وهو يعلم تمام العلم أن هذه الشركات تمتلك عقارات، على خلاف الحظر الوارد في المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979، والتي تحظر على الشركات التجارية التي يشترك فيها غير كويتيين من تملك العقارات، والقول بعكس ذلك يُؤدي إلى نتائج عملية كارثية لا يمكن أن يتغياها المُشرِّع من وراء قوانينه أو قراراته، وتتمثل هذه النتيجة في تطبيق نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979، والتي تُجبر الشركات التي يدخل فيها شريك غير كويتي بالتصرف فيما تملكه من عقارات خلال سنة من تاريخ انتقال نصيب الشريك الكويتي إلى غير الكويتي، وفي حالة عدم استجابة الشركة لذلك فإن عقاراتها تباع جبراً عنها، ما كان سيؤدي بالتأكيد إلى حدوث أزمة عقارية لا تُحمد عُقباها نتيجة قيام كبريات الشركات المدرجة في البورصة، والتي تمتلك أغلب الثروات العقارية في البلاد، ببيع عقاراتها دفعة واحدة خلال مدة سنة فقط، ومن الطبيعي أن تؤدي عمليات البيع المكثفة خلال فترة زمنية قصيرة إلى انهيار سوق العقار، وبالتبعية سينتج عن ذلك حدوث أزمة نظامية في البورصة نتيجة انهيار أسعار الأسهم لتلك الشركات، وما قد تخلقه من أزمات مالية واقتصادية تعصف بالاقتصاد.
المساواة واجبة بين كل الشركات في السماح لها بتملك العقارات
ملكيات الأجانب متغيرة بشكل مستمر فمن يشتري اليوم قد يبيع غداً
بالتأكيد لم يكن المُشرِّع في ذهنه إحداث هذه الفوضى، إنما كان في ذهنه النتيجة الأُخرى التي تتماشى مع المنطق السليم، وهي السماح للشركات المُدرجة بتملك العقارات حتى مع دخول غير الكويتيين عن طريق شراء جزء من أسهمها، ومن ثم يكون القانون رقم 20 لسنة 2000، والقرار الوزاري رقم 205 لسنة 2000، قد قيدا نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 بشأن الشركات المُدرجة في البورصة.
إن من شأن التمسك بأي تفسيرات قد تذهب إلى انطباق نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 على الشركات المُدرجة في البورصة سوف يفتح الباب نحو تطبيق نص المادة (9) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 والتي نصت على أنه: (يقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون، ولا يجوز تسجيله، ويجوز لكل ذي شأن وللحكومة طلب الحكم بهذا البطلان، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها)، مما سيخلق دوامة جهنمية من البطلان المتتالي للتصرفات العقارية التي أجرتها الشركات المدرجة خلال السنوات العشرين الماضية منذ السماح بتملك غير الكويتيين لأسهم الشركات المُدرجة، مما قد تَحدث معه بلبلة في سوق الأسهم نتيجة شعور المستثمرين بالخوف من انهيار سوق العقار إذا ما تم تطبيق هذا القانون على الشركات المُدرجة وبطلان تملكها للعقارات أو على الأقل جبرها على بيع عقاراتها خلال فترة وجيزة، ومن ثم خلق أزمات اقتصادية إضافية في وقت تُعاني فيه كافة بلدان العالم من الأزمات الخانقة التي خلقتها جائحة كورونا وما يترتب عليها من آثار.
إن بورصة الكويت خلال السنوات القليلة الماضية قد عملت جاهدة نحو استيفاء أعلى المعايير الدولية من أجل الحصول على ترقيات متتالية في مختلف المؤشرات العالمية، وقد نجحت في هذا الأمر من خلال عدة وسائل منها ترسيخ السمعة الحسنة للشركات المدرجة بشكل خاص والاقتصاد الكويتي بوجه عام، وقد يؤدي تطبيق بعض النصوص التي تم نسخها أو إلغاؤها بموجب قوانين لاحقة إلى الإساءة إلى سمعة الشركات المدرجة في البورصة، ومن ثم التأثير على تلك الترقيات أو التراجع عنها مما يخلق تراجعاً لا مثيل له في تلك المؤشرات العالمية خاصةً أن أحد الأسباب التي صاحبت تلك الترقيات هو تسهيل تدفق الأموال الأجنبية إلى السوق الكويتي.
مطلوب خلال سنة بيع عقارات أي شركة يتملك فيها أجنبي
إن إدارة التسجيل العقاري في وزارة العدل أجازت للبنوك المُدرجة في البورصة تسجيل العقارات باسمها، ومن ثم فإننا نرى أن يُسمح لباقي الشركات أسوةً بمعاملة البنوك ولتحقيق المساواة بين الشركات المُدرجة التي تتمتع بمراكز قانونية مُتماثلة.
لكل ذلك، فإن بورصة الكويت ترى عدم جواز تطبيق نص المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 بتنظيم تملك غير الكويتيين للعقارات وذلك فيما يخص الشركات المُدرجة في البورصة.
ملاحظات وتساؤلات بالجملة
1 - ما المغزى من تجميد قانون لمدة 44 عاماً والعودة إلى تفعيله بشكل متقطع؟
2 - كل دول العالم تتهافت على جذب المستثمرين الأجانب وأموالهم وتمنحهم المميزات في حين أن تطبيق « المادة (8) من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1979 بتنظيم تملك غير الكويتيين للعقارات» حالياً هو سير عكس التيار.
3 - الإعلان عن تنفيذ القانون حالياً ووقف تسجيل العقارات لكل أنواع الشركات يتنافى مع رؤية الكويت 2035 وحلم التحول لمركز مالي عالمي.
4 - المساهمون الأجانب في كل أنواع الشركات هم أقليات وبالتالي المستثمري مجرد مالك لسهم الشركة وليس له مخاطر على أي أصول لدى الشركة.
5 - هل يمكن تبيان الآثار السلبية على العقارات من مستثمر أو مستثمرين يملكون حصص أقلية في الشركة؟
6 - ما الدولة الأخرى في العالم التي تطبق مثل هذا القانون؟
7 - لماذا يتم السماح لكيانات ومنع أخرى من هذا التسجيل إذا كانت هناك مخاطر فهي من باب أولى يتم منع التسجيل للجميع؟!
8 - لماذا الجمود في ظل عالم متغير وسريع لا سيما على الصعيد الاقتصادي بل ومنافسة شرسة لجذب المستثمرين الأجانب؟
9 - بورصة الكويت تمت ترقيتها على مؤشرات عالمية وكان من متطلبات ذلك فتح القطاع المصرفي بلا أي سقف للتملك أمام المستمثرين الأجانب علماً أن القطاع المصرفي من أهم القطاعات في كل الأنظمة المالية العالمية والاقتصادية.
10 - لماذا يتم الإصرار على قوانين متضاربة بلا تنسيق أو تناغم للسياسات العامة الأخرى وكل جهة تعمل عكس الأخرى؟
11 - قانون الشركات رقم 15 لعام 1960 ألغي وصدر قانون جديد للشركات 1 لعام 2016، فلماذا يتم الإبقاء على قانون منع تسجيل العقارات الصادر في 1979 وقت أن كان قانون الشركات القديم يمنع تملك غير الكويتيين في الشركات؟
12 - لماذا يسمح القانون للأجانب بتملك الأسهم وفي ذات الوقت يحظر على الشركة ممارسة نشاط أصيل وحق من حقوقها أليس في ذلك تضارب يتم السماح بتملك الأسهم ويعرقل نشاط الشركة في ذات الوقت؟
13 - لماذا ترك القانون 44 عاماً بلا تطبيق والآن يراد تطبيقه؟ وماذا بشأن الشركات القائمة منذ عشرات السنين هل سيطبق بأثر رجعي عليها؟