الزلزال يفرض تحديات سياسية على إردوغان قبل الانتخابات
تركيا تفتح معبراً مع أرمينيا بعد 35 عاماً من إغلاقه لإدخال المساعدات
في وقت تتجه مؤشرات الكارثة الناجمة عن الزلزال المدمر الذي ضرب طرفي الحدود التركية السورية الاثنين الماضي لتسجيل أرقام قياسية مع تجاوز عدد القتلى في البلدين 27 ألفا، 21 ألفاً منهم أحصتهم أنقرة وحدها حتى الآن، طرحت الكارثة الأعنف على الإطلاق التي تضرب تركيا منذ عام 1939، عدة أسئلة بشأن وجود احتمالات لتفادي تلك المأساة الهائلة وتساؤلات عن مستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي أطلق الوعود بإعادة إعمار المناطق المنكوبة في غضون عام واحد فقط.
وقال إردوغان خلال زيارة لمدينة ديار بكر المنكوبة، أمس، إن «مئات الآلاف من المباني لم تعد صالحة للسكن»، مضيفاً أنه سيتم استخدام المباني الجامعية لإيواء المشردين، في حين «سيتم استئناف الدارسة عن بعد». ولفت إلى أن حكومته ستتخذ الإجراءات اللازمة من أجل الشروع في إعادة الإعمار بغضون أسابيع.
ودافع عن قرار حكومته بفرض قانون الطوارئ في الولايات ال10 الأكثر تضرراً جراء الزلزال، معتبرا أنه ضروريا لمواجهة «أعمال السلب والخطف التي قام بها البعض في ظل الكارثة فضلا عن استغلال البعض الآخر لمواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر الفتنة والتضليل بهدف الاستغلال السياسي».
إقرار وتحجيم
ومع اقتراب الانتخابات في مايو المقبل، بات مستقبل إردوغان السياسي على المحك بعد 20 عاما في السلطة وسط ذهاب دعواته للوحدة الوطنية أدراج الرياح. وفي وقت سابق، اعترف الرئيس التركي بأوجه القصور التي شابت استجابة الدولة للأزمة، لكنه تحدث، عن أن الأمر يتعلق ب «القضاء والقدر»، واصفاً انتقاد الاستجابة للكارثة بأنه فعل مشين.
وفي وقت يرى البعض أن الجيش يغيب عن جهود البحث والإنقاذ لأسباب سياسية يتحملها حزب «العدالة والتنمية» بقيادة إردوغان، اشتكت المعارضة من أن إجراء عمليات إنقاذ موسعة في 10 من الولايات التركية البالغ عددها 81 ولاية وقتاً طويلا حتى بدأت الاستجابة في الظهور بينما لم تتمكن فرق البحث والإنقاذ الوصول إلى بعض القرى لعدة أيام.
ويرى البعض أن إمكانات الجيش كانت خارج خطة الحكومة المدنية التي فضلت إبعاده عن المجتمع بعد محاولة الانقلاب عام 2016، وهو ما تسبب في «تأخر مشاركته بالإنقاذ والبحث». ويدير عدد كبير من المدن المتضررة من الزلزال مسؤولون من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وهو ما يضعه أمام اتهامات مباشرة بشأن الفساد الإداري المحتمل في تطبيق اشتراطات البناء المقاوم للزلازل في بلد يقع على خطين صدعيين. ويأتي ذلك في وقت يزيد الضغط على الحزب الحاكم بسبب تردي الاقتصاد بعد وصول التضخم إلى 57 في المئة، مما أدى إلى ارتفاع صاروخي في تكلفة المعيشة.
ورغم أن ملامح الفاجعة وأثرها المحتمل على الساحة السياسية والاجتماعية لم يتضح بعد قدرت إدارة الكوارث والطوارئ التركية، أمس، أن الطاقة المنبعثة من الزلزال الذي بلغت قوته 7.7 درجات كانت تعادل «500 قنبلة ذرية».
ودفعت الأزمة الكبيرة السلطات التركية إلى فتح معبر علي جان الحدودي مع أرمينيا بعد 35 عاما من إغلاقه، وذلك لاستقبال المساعدات للمناطق المتضررة، أمس.
في هذه الأثناء، وصلت طائرة إغاثة سعودية سادسة تحمل على متنها 98 طنّاً من المساعدت الإغاثية للسوريين والأتراك إلى مطار إسطنبول، فيما أرسلت الحكومة الأردنية مستشفى ميدانياً يضم أكثر من 100 طبيب وممرض إلى تركيا. ووسط مشهد مأساوي وفوضوي، علق الجيش النمساوي عمليات الإنقاذ في تركيا، أمس، مشيراً إلى «الوضع الأمني غير المستقر ووقوع هجمات بين مجموعات». وأوضح متحدث من فيينا أنّ 82 جندياً من «وحدة الإغاثة الخاصة» احتموا في قاعدة في محافظة هاتاي «مع منظمات دولية أخرى بانتظار توجيهات».