لا تكاد تدخل أي ديوانية أو تلتقي بأي صديق إلا ويبادرك بالحديث عن شوارع الكويت التي امتلأت بالحصى والحفر، والجميع يتساءل: لماذا هذه حال شوارعنا دون شوارع جميع دول الخليج؟ أين الخلل؟ وهل هو في الشركات المنفذة أم في الوزارة أم في المراقبين؟ وأين دور المهندسين الخريجين والمبتعثين إلى جامعات العالم؟ هل هو الفساد؟ وهل تمت معاقبة الشركات التي لم تحسن عملها؟ أم أن الشركات أقوى من الحكومة؟ ومن سيدفع تكاليف إصلاح سياراتنا؟

هذه أسئلة مشروعة لكن الخلل مستمر منذ سنوات، ولم تتم الإجابة عنها كما لم يتم الإصلاح المنشود، فقبل أيام ذهبت في جولة إلى منطقة حولي (قرية الأنس والتجلي) كما يسميها الفنان الكبير أيوب حسين، رحمه الله، فوجدت شوارعها وأرصفتها مكسّرة وبقع المياه الراكدة وأكوام الزبالة على جانبي الشوارع، هذه المنطقة المجاورة للعاصمة التي كانت مزارعها محل الكشتات والنزهات الجميلة في بداية الخمسينيات والتي وضع أهل الكويت فيها استثمارات تقدر بعشرات المليارات من الدنانير، تعاني اليوم من الإهمال والفوضى مثل كثير من مناطق الكويت.

Ad

ومن العجب المشاهد هذه الأيام أيضاً قيام الحكومة بإنشاء جسور فاخرة ومكيفة بين بعض المناطق تحتوي على سلالم ثابتة وأخرى كهربائية متحركة مع محولات كهرباء ضخمة تغذيها بالطاقة، ففي منطقة القادسية مثلاً أدى إنشاء الجسر وامتداد سلالمه العادية والأجهزة الخاصة بالسلالم المتحركة بالإضافة إلى المحول الضخم اللازم لخدمة التكييف إلى التهام معظم الارتداد أمام البيوت، حتى أصبح الوصول إليها والوقوف أمامها وزيارة ديوانياتها متعذراً، كل ذلك من أجل عبور المشاة مسافة نحو مئة متر بين منطقتين، فهل عبور هذه المسافة يستحق كل هذه الأجهزة والإنفاق الهائل، بالإضافة إلى الصيانة المستمرة والمكلفة في جو الكويت؟ وهل ستقوم الحكومة بوضع حراسة ليلية على هذه الجسور لمنع القيام بالأعمال غير المشروعة فيها؟ ألم نعبر نحن الجسور العادية دون عناء لسنوات طويلة دون تكييف أو سلالم متحركة ولا حتى تظليل مثل الجسر بين العديلية والجامعة؟ وهل إنشاء هذه الجسور المكلفة يتناسب مع شعار وقف الهدر وتقليص الإنفاق؟ أليس إصلاح الشوارع والأرصفة هو الأولى؟

المشكلة في الكويت ليست في وجود المال إنما في كيفية إنفاقه.