«الوطني»: «انتظار وترقب» في سوق العقارات السكنية مع ارتفاع التقييمات
• تراجع مبيعاتها 13.8% إلى 480 مليون دينار في الربع الرابع من 2022 على أساس سنوي
بقيت وتيرة المبيعات العقارية قوية نسبيا خلال الربع الرابع من 2022، إذ وصلت إلى 840 مليون دينار، مرتفعة بذلك هامشيا على أساس ربعي وسنوي. وعلى صعيد مبيعات العقارات السكنية، والذي يعد المحرك الرئيسي للنشاط العقاري، بلغت قيمة المبيعات 480 مليونا في الربع الرابع من عام 2022، أي انها شهدت تحسنا مقارنة بالربع الثالث من عام 2022، لكنها تراجعت على أساس سنوي.
وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، وصلت تقييمات القطاع إلى أعلى مستوياتها، وسط حالة من عدم اليقين وارتفاع تكاليف البناء. وفي المقابل، ارتفعت مبيعات القطاعين الاستثماري والتجاري بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي وبنسبة 74% على أساس سنوي، على التوالي، على الرغم من أن القطاع التجاري شهد انخفاضا على أساس ربع سنوي، والذي قد يكون انعكاسا لتشديد الأوضاع النقدية وارتفاع تكاليف البناء المرتبطة بزيادة أسعار المواد الخام ونقص العمالة.
وبالنظر إلى أداء العام كله، كان النشاط العقاري مستقرا نسبيا عام 2022 عند مستويات مرتفعة، وبلغ إجمالي قيمة المبيعات 3.63 مليارات دينار مقابل 3.68 مليارات عام 2021، ويعكس هذا التراجع الهامشي بنسبة 1.5%، على أساس سنوي، تلاشي الطلب المكبوت الناجم جزئيا عن الجائحة عام 2021، وبقي النشاط الإجمالي أعلى بكثير من المستويات المسجلة ما قبل الجائحة عام 2019، والمتوسط السنوي لخمس سنوات (2019-2015) البالغ 2.83 مليار دينار، وتأثرت أنشطة المبيعات بديناميكيات قطاع العقارات السكنية، الذي شهد انخفاضا في عدد الصفقات بنسبة 49% خلال عام 2022 رغم التعافي الاقتصادي، عقب ارتفاع أسعار النفط وإعادة فتح الاقتصاد.
وإضافة إلى ارتفاع تقييمات المنازل، خاصة في المناطق الداخلية، فإن ظروف عدم اليقين حول مقترحات الحكومة لحل أزمة الإسكان قد تكون أحد العوامل التي ساهمت في الحد من المبيعات، على المدى القصير على الأقل، وتشمل الإصلاحات المقترحة فرض ضرائب/ رسوم على ملكية منازل متعددة ورفع دعم الكهرباء والماء عن مالك العقار السكني الخاص ابتداء من العقار السكني الخاص الثاني وأكثر، إضافة إلى اقتراح بفرض رسوم على امتلاك مجموعة من الأراضي الفضاء غير المستغلة، للحد من عمليات المضاربة ضمن القطاع، إلا أن تلك التطورات يبدو أنها قد ساهمت في التأثير على معنويات المشترين.
كما أظهر أداء مؤشر أسعار العقارات بعض دلالات التراجع خلال الربع الرابع من عام 2022 (-3.2% على أساس ربع سنوي، +5.4% على أساس سنوي)، وفقا للتقديرات المستندة إلى بيانات المعاملات، وذلك بعد الارتفاع الملحوظ الذي شهدته تقييمات العقارات السكنية على مدى العامين الماضيين. ويعزى ذلك التراجع إلى انخفاض أسعار العقارات السكنية (المنازل وقطع الأراضي) على أساس ربع سنوي في الربع الرابع من عام 2022، الأمر الذي قد يكون مرتبطا بحالة عدم اليقين.
إضافة إلى ذلك، فقد تباطأت وتيرة نمو أسعار العقارات الاستثمارية، على أساس سنوي، إلى 0.7% في الربع الرابع من عام 2022 مقابل ارتفاع نسبته 7.6% خلال الربع السابق، وقد يرتبط هذا التراجع الذي شهدته أسعار القطاع الاستثماري بالتحول الذي طرأ على معنويات المستثمرين نظرا للانتعاش البطيء الذي شهده سوق الإيجارات وارتفاع تكاليف التمويل، كما قد يتسبب ارتفاع معدلات الفائدة على الودائع في التنافس الحاد على أموال المستثمرين.
مبيعات القطاع السكني
بلغت قيمة أنشطة مبيعات العقارات السكنية 480 مليون دينار في الربع الرابع من عام 2022، بارتفاع عن مبيعات الربع السابق البالغة 434 مليونا (+10.6% على أساس ربع سنوي)، إلا أنها أقل مقارنة بالربع الرابع من عام 2021 (-13.8% على أساس سنوي)، وجاءت المكاسب المسجلة على أساس ربع سنوي، والتي تعد أول مكاسب يتم تسجيلها منذ الربع الثالث من عام 2021، بدعم من زيادة حجم صفقات قطع الأراضي، خاصة في محافظتي حولي والأحمدي.
وقد يعزى استمرار تباطؤ وتيرة أنشطة السوق مقارنة بالعام السابق لوضع «الانتظار والترقب» الذي يتبعه المشترون نظرا لارتفاع تقييمات العقارات السكنية، خاصة في المناطق الداخلية، وإمكانية اتخاذ تدابير جديدة تتعلق بحل أزمة السكن، وقد ساهمت تلك العوامل في انخفاض إجمالي قيمة المبيعات السكنية عام 2022 لحوالي 1.9 مليار دينار (-30% على أساس سنوي)، لكنها لا تزال أعلى من مستوياتها في أي عام آخر باستثناء عام 2021.
انتعاش متواضع
وبلغت مبيعات القطاع الاستثماري 269 مليون دينار في الربع الرابع من عام 2022 (+6.8% على أساس ربع سنوي، +30% على أساس سنوي)، مسجلة بذلك بعض التعافي، وإن كان ضعيفا، مقابل التراجع الموسمي الذي شهده الربع الثالث من عام 2022 فيما يعزى بصفة رئيسية لزيادة مبيعات الشقق بمحافظة مبارك الكبير.
وقد يكون ضعف مسار الطلب على مدار الربعين الماضيين مرتبطا بمزيج من العوامل تتضمن ارتفاع تكاليف التمويل واستمرار ضعف سوق الإيجارات. إضافة لذلك، كانت أسعار القطاع الاستثماري أكثر ضعفا في الربع الرابع كما هو موضح أعلاه. إلا أن القيمة الاجمالية لمبيعات عام 2022 ارتفعت بنسبة 46% لتصل إلى 1.1 مليار دينار بدعم من الجاذبية النسبية للقطاع على صعيد الأسعار مقارنة بالقطاع السكني الذي شهد ارتفاعات سعرية ملحوظة، ونتيجة لتحسن الأوضاع الاقتصادية في اعقاب الجائحة.
مبيعات القطاع التجاري تشهد نمواً ملحوظاً في 2022
وارتفعت مبيعات قطاع العقارات التجارية بنسبة 74% على أساس سنوي، لتبلغ 91 مليون دينار في الربع الرابع من عام 2022 (على الرغم من تراجعها مقارنة بالربع السابق)، مع تضاعف متوسط حجم المعاملات تقريباً. وقد يكون ذلك على الأرجح انعكاساً لتحسن الطلب على أنشطة الأعمال وضعف المبيعات في العام السابق. وتجاوز أداء القطاع التجاري عام 2022 مستوى ما قبل الجائحة بالتزامن مع تعافي الاقتصاد بصفة عامة. إلا أن تشديد الأوضاع النقدية قد تكون له انعكاسات سلبية على الأنشطة عام 2023.
مزيد من التراجع
وأظهر نمو المبيعات العقارية إشارات دالة على التراجع في النصف الثاني من عام 2022 مقابل النصف الأول من العام السابق، وهو الاتجاه الذي قد يمتد خلال عام 2023، وتشمل الضغوط المحتملة التي قد تؤثر سلبا على أداء القطاع العقاري تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي، وتشديد الظروف النقدية العالمية مقارنة بالعام الماضي، وتباطؤ الطلب في سوق الإيجارات، وارتفاع تقييمات القطاع السكني.
إضافة لذلك، قد تؤدي الاستقالة الأخيرة للحكومة إلى إطالة حالة عدم اليقين المحيطة بالإصلاحات العقارية المقترحة، مما قد يساهم في امتداد تراجع أداء القطاع العقاري طوال عام 2023. وعلى الرغم من ذلك، هناك عدة عوامل ما زالت تساهم في دعم السوق، بينها ارتفاع أسعار النفط، واستمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، وإن كان بوتيرة معتدلة (مقابل الركود المحتمل في بعض الاقتصادات الخارجية)، وإمكانية تلقي بعض الدعم نتيجة لتزايد الإنفاق الحكومي على النحو المبين في مسودة الميزانية (على الرغم من أن إقرارها قد يستغرق بعض الوقت).
وتشير التوقعات المستقبلية إلى توافر بعض التطورات الإيجابية على صعيد العرض، والتي تشمل ثلاثة مشاريع سكنية رئيسية قيد التنفيذ تقدر بنحو 3.2 مليارات دينار على مدى السنوات الثلاث المقبلة. وتشمل المشاريع الإضافية للسنة المالية 2022-2023 مشاريع تطوير مدينة جنوب صباح الأحمد السكنية (277 مليون دينار)، ومدينة سعد العبدالله (152 مليونا) وجنوب المطلاع (296 مليونا)، مما قد يساهم في الحد من نقص المعروض وإعادة التوازن إلى السوق على المديين المتوسط والطويل.