شوبنهاور الكويت
لو سبقنا نتائج التقرير الذي ستقدمه لجنة التحقيق حول مخالفات مرتبطة بأعمال الهيئة العامة للاستثمار، التي عينها مؤخراً وزير المالية، وقالت اللجنة إن هناك مخالفات قد تصل إلى رتبة جرائم المساس بالمال العام، مثل تعيين عضو منتدب سابق بالهيئة في مجلس إدارة شركة ديملر، والضرائب التي ستدفعها الدولة دون مبرر لذلك، وأيضاً صفقة استحواذ «بيتك» على البنك الأهلي المتحد البحريني، وضررها على المال العام، وغيرهما من أمور مخالفات أو «لا مبالاة» أو بنوايا سيئة، فماذا سيكون الرأي في النهاية - بفرض - والافتراضات قد تصدق وقد تكذب، وكيف ستنتهي الأمور؟
الأقرب للواقع التاريخي، بدولة من صادها عشى عياله، الإجابة «هي تيش بريش»، فالعادة السياسية المتأصلة هنا تقول: إذا أردت أن تقتل موضوعاً فيه شبهات فساد فاخلق له لجنة تحقق به ثم تقبره للأبد، فعملها سيكون لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد لثلاثين سنة، وعندها إما يموت الملك أو الحمار أو أنا، مثلما تقول الحكاية عن تعهد جحا للملك بجعل الحمار يتكلم في ظرف سنة، أو «ربما» تقدم اللجنة تقريرها خلال المدة المحددة، وتدين المخالفات ومرتكبيها، وعندها هل نتصور أن اللجنة مثلاً في متابعة موضوع «استحواذ بيتك على البنك الأهلي» ستقول إن الأعمال النهائية للاستحواذ تمت في عهد وزير المالية الحالي، وبالتالي هو مسؤول سياسياً؟
الزميل بشار الصايغ في عدة تغريدات أسهب في شرح هذه المسألة تحديداً (الاستحواذ)، بينما عرضت جريدة السياسة كامل القضية في تهم «تجاوزات الهيئة العامة للاستثمار»، ومدى مسؤولية الوزير عبدالوهاب الرشيد عنها، لكن آخر الأمر، هل يتوقع أحد أن نصل إلى نتيجة حاسمة في ذلك الموضوع وغيره من قضايا معلقة مع الإدارة السياسية المشلولة في مواضيع اقتصادية - سياسية ليس لها مكان جدي في وعي هذه الإدارة، مثل التنمية والتعليم والفساد؟ قدم فيلسوف التشاؤم شوبنهاور الإجابة وقال: «غطيني يا صفية، وخليكم ماشين سماري...»، قالها بالألمانية، وهذه لغة غير قابلة للترجمة عندنا.