على وقع غليان إسرائيلي داخلي بسبب التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي يتمسك بها الائتلاف الحكومي اليميني بزعامة بنيامين نتيناهو، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الأحد - الاثنين غارات جوّية عدّة استهدفت موقعاً لحركة حماس في غزّة، فيما قُتل فلسطيني في توغل جديد في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.

وقال الجيش الإسرائيلي، إنّ طائراته الحربيّة «أغارت على موقع لإنتاج المواد الخام الصاروخيّة تحت الأرض» تابع لحماس وسط القطاع.

Ad

وذكر الجيش الإسرائيلي، أنّ الغارات جاءت رداً على «صاروخ أطلِق من غزّة مساء السبت» باتجاه المناطق الإسرائيلية واعترضته منظومة القبة الحديد المضادة للصواريخ.

في المقابل، قال الناطق باسم حماس حازم قاسم، في بيان، إن القصف الجوي الإسرائيلي على غزة «يتزامن مع عدوان على مدينة نابلس والقدس» و«يؤكد أننا أمام عدوان على كل شعبنا الفلسطيني».

وأطلقت «كتائب القسّام» الجناح العسكري لحماس النار باتّجاه الطيران الإسرائيلي، كما أعلنت «كتائب المقاومة الوطنيّة»، الجناح العسكري ل «الجبهة الديموقراطية»، أنّها أطلقت «عدداً من الصواريخ باتجاه مستوطنات غلاف غزة».

وقال مصدر في الفصائل الفلسطينيّة، إن «مسؤولاً في المخابرات المصرية أجرى اتّصالات مع فصائل المقاومة ومع الجانب الإسرائيلي لوقف التصعيد وتهدئة الأوضاع». وتابع «المقاومة ستردّ على أيّ عدوان، وتلتزم التهدئة بقدر التزام الاحتلال بها».

وفي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث تفيد السلطات الإسرائيلية بأنها تلاحق «مطلوبين» منذ نحو عام، قال الجيش الاسرائيلي، في بيان، إنه نفذ خلال ليل الأحد الاثنين عملية استباقية جديدة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن شاباً يدعى أمير بسطامي (22 عاماً) قتل برصاص الجنود الإسرائيليين خلال اقتحام نابلس.

واعتقلت الشرطة الإسرائيلية خمسة فلسطينيين، بينهم جريحان، اتهمتهم بإطلاق نار على نقطة عسكرية إسرائيلية في أكتوبر الماضي أدى إلى مقتل رقيب في الجيش.

تأتي هذه الاشتباكات الجديدة على خلفية مخاوف من اندلاع أعمال عنف لا يمكن السيطرة عليها، حيث شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تصعيداً ملحوظاً منذ بداية العام.

ومساء، أمس الأول، أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر أنه سيضفي شرعية على تسع مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، في أعقاب سلسلة هجمات في القدس الشرقية أسفرت إحداها عن مقتل ثلاثة أشخاص الجمعة.

وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «هذه المستوطنات موجودة منذ سنوات عدة وبعضها موجود منذ عقود». من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية في كلمته بمستهل جلسة الحكومة، أمس، في رام الله أن الخطوة الإسرائيلية تمثّل «تحدياً لكل المسؤولين الأميركيين الذين زاروا المنطقة مؤخراً».

وأدانت مصر ودول عربية والجامعة العربية قرار حكومة نتيناهو، الذي أعلن كذلك أنه يريد أن يقدم إلى الكنيست هذا الأسبوع مشروع قانون «لسحب بطاقات الهويّة (الإسرائيليّة) من الإرهابيّين وطردهم».

انهيار دستوري واجتماعي

على صعيد آخر، تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين، أمس، خارج البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ضد التعديل المثير للجدل للنظام القضائي الذي يهدف إلى تعزيز سيطرة أعضاء البرلمان على المحكمة العليا. ومن شأن التعديلات المقترحة للنظام القضائي أن تتيح للبرلمان الإسرائيلي إلغاء أي قرار للمحكمة العليا بغالبية بسيطة من 61 نائباً في المجلس المكون من 120 مقعداً. كما من شأنها إحكام قبضة السياسيين على النظام القضائي وآلية تعيين القضاة. وتأتي التظاهرة في وقت بدأت الحكومة التصويت الأولي على بنود مقترح القانون الذي طالته انتقادات واسعة. وترى المعارضة أن التعديلات ستقضي على النظام الديموقراطي في إسرائيل التي ليس لديها دستور، والتي تشرف المحكمة العليا على احترام «قوانينها الاساسية». وفي خطوة نادرة خاطب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الشعب الإسرائيلي أمس الأول قائلاً، إن الدولة العبرية «على وشك الانهيار الدستوري والاجتماعي».

وحثّ هرتسوغ نتنياهو على وقف التعديلات المقترحة وإجراء محادثات مع المعارضة على أمل الوصول إلى حل وسط. رغم ذلك وافقت اللجنة المكلفة بمراجعة القانون، الذي اقترحه وزير العدل ياريف ليفين أمس، على بنود من المقترح، ومن المتوقع عقد جلسة للتصويت في القراءة الأولى على مشروع القانون. وحمل المتظاهرون الذين لوحوا بالأعلام الإسرائيلية لافتات كتب عليها شعارات ضد التعديلات، ومن بينها «أنقذوا ديموقراطية إسرائيل». وكان الرئيس الأميركي جو بايدن نصح حكومة نتيناهو بالتوصل إلى توافق قبل إقرار التعديلات.

وداخل الكنيست تبادل نواب إسرائيليون الإهانات خلال مناقشة التعديلات، وعلت أصوات النواب المعارضين، وهم يهتفون «عار عار» خلال تصويت لجنة الدستور في الكنيست لإرسال الفصل الأول من الخطة للمناقشة في جلسة كاملة العدد للقراءة الأولية.

وقبل طرده، قال إيدان رول من حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل) الوسطي لسيمحا روتمان رئيس لجنة الدستور من كتلة الصهيونية اليمينية المتشددة «سوف تحرقون البلاد!».

ونعت النواب بعضهم بعضا بأوصاف مثل «فاشي» و«خائن»، وتأثرت إحدى النائبات إلى حد البكاء.

وتلقت الحكومة كذلك تحذيرات من بنوك إسرائيلية وقطاع التكنولوجيا من أن التغييرات تهدد بتقويض المؤسسات المدنية التي تدعم الازدهار الاقتصادي.