يا أخي، نريد أن يعم الجهل والتخلف، كيف تريدنا أن نعمل؟ أنت تقطع رزقنا... نحن لا نعيش بدون جهل وتخلف، هذه «علامات مرسومة» غير مقبول أن نتخلى عنها، دع عنك القيم والمبادئ، عليك أن تعي جيداً، نحن نؤمن بأنه كلما زاد الجهل وانعدم العلم، ضمنّا بقاءنا في حارة الأمان!
يا أخي، نريد أن يزيد تلوث الهواء، لأنه كلما ارتفعت نسبته في الجو، اعتلّت صحة الناس وارتفعت حالات الاكتئاب والقلق، فهذا من شأنه مضاعفة مداخيل المعالجين والأطباء النفسانيين وامتلاء المستشفيات بمرضى الحساسية والربو، ولسنا بحاجة إلى قوانين لتنقية الأجواء من المواد المسببة لهذه الأمراض ولا إلى التحكم في تلوث الهواء!
يا أخي، نريد أن ينتشر الفساد ولا يترك مؤسسة أو جهة إلا ويخترقها، وإلا كيف لنا أن نرفع الصوت ونستدر عطف الناس ونقدم أنفسنا كأبطال في مكافحة هذه الظاهرة، فهي مصدر تكسب يجلب لنا المؤيدين وهذه أفضل وسيلة لحصد أكبر عدد من الجمهور الذي يصفق لنا، ونحن ندرك أن المسألة برمتها مزايدات شعبوية!
يا أخي، نريد أن نرفع مستوى الأمية فهذه رسالتنا، فكلما زاد الإقبال على الدروس الخصوصية انتعش سوق الغش وزاد العرض والطلب على الأساتذة المنتفعين وبالتالي ضمنا تخريج أجيال مشوهة وأشباه متعلمين همهم الكرسي والمنصب والوجاهة!
يا أخي، شعارنا أن نضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب، فهذه أقصر الطرق لتيئيس الكفاءات والمخلصين وتطفيشهم، وعندنا أن «الرجل غير المناسب» باستطاعته تمرير ما نريده، وهذا النوع من البشر لديه قابلية للثراء السريع، وكلما انتفخت حساباته البنكية انفتحت شهيته على كسر الحواجز وإزالة المعوقات!
يا أخي، نريد أن يختلط الحابل بالنابل، فهذا يعزز مكانتنا، ويحقق أهدافنا على قاعدة فرّق تسد، فنحن والإنكليز أولاد عم ومتفاهمون على إثارة الفتن وضرب الأخ بأخيه حتى تعم الفوضى ويبقى الجمهور في حالة ضياع!
يا أخي، من قال لك إننا نرفض التعصب والتشدد أو الخروج من الحالة المزرية التي نعيشها، فنحن من دعاة العودة إلى الزمن الرديء والعزلة عن العالم الخارجي، فهذا الفضاء لا نعرف على أي طريق يسير، وكلما تراجعنا إلى الوراء، سجلنا نقاطاً مضيئة لكي نبقى متصالحين مع ماضينا الأغبر!
يا أخي، نريد فتح ممرات للوصول إلى جامعات خاصة خارج بلدنا، لكي يسهل علينا منح من يريد شهادات مزورة وبمختلف التخصصات، يكفي أن يدفع الساعي إلى الشهرة المبلغ المقسوم والباقي علينا، فهذه الوظيفة تدر علينا الملايين!
يا أخي، نحن بناة «جمهورية الغش» فهذه الجمهورية لديها مدونات سلوك تستبيح كل شيء في سبيل كسب المغانم وتحقيق الأرباح حتى لو كان الغش على حساب صحة الإنسان وحياته، وأقصر طريق للاستحواذ على الغنيمة أن تجعل الغش وسيلتك المثلى، غش بالدواء، غش بالغذاء، غش مع الزوجة، غش في الوظيفة، غش في الراتب وهكذا إلى أن تصل إلى مبتغاك!
ما سبق كان عبارة عن أفكار مجنونة يتداولها عدد من الصعاليك والمتمردين خارجة عن المألوف، ليس لها موقع في قاموس الدول والمجتمعات الحية.