بعد نحو شهرين من بيان القمة الخليجية الصينية التي عقدت في السعودية، ورأت الأوساط الإيرانية الرسمية أنه مثل لطمة من حليفها التقليدي لصالح خصومها الإقليميين، سعى الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس، إلى طمأنة نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي بشأن العلاقات الثنائية بين بلديهما، ومساندة بكين لطهران بمواجهة الضغوط الغربية التي تتعرض لها على خلفية حملة القمع التي تشنها ضد التظاهرات المعارضة، وانهيار المفاوضات الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع الولايات المتحدة.

وقال جينبينغ خلال لقائه رئيسي في بداية زيارة تستمر 3 أيام إلى بكين: «في وجه المتغيرات الحالية المعقدة في العالم والأزمنة والتاريخ، ساندت الصين وإيران بعضهما البعض، وعملتا معاً في تعاون»، مشيداً ب «روح التضامن» بين البلدين الخاضعين لعقوبات غربية.

Ad

وأضاف أن بلاده تدعم الجانب الإيراني فيما يتعلق بحماية حقوقها المشروعة، وتشجع على التوصل إلى حل سريع ومناسب للقضية النووية الإيرانية.

وأضاف: «ستواصل الصين المشاركة البنّاءة في المفاوضات بشأن استئناف الاتفاق النووي الإيراني».

وقال شي إنّ «الصين تدعم إيران في حماية سيادتها الوطنية واستقلالها وسلامة أراضيها وكرامتها الوطنية».

وذكر أنّ «الصين تدعم إيران في مقاومتها للأحادية والترهيب، وتعارض القوى الخارجية التي تتدخّل في الشؤون الداخلية لإيران وتقوّض أمن إيران واستقرارها».

كما شدّد على أنه «مهما تغيّر الوضع الدولي والإقليمي فستعمل الصين بثبات على تطوير التعاون الودّي مع إيران».

من جهته، وصف رئيسي المحادثات بأنها كانت بناءة، وتشمل تعزيز التعاون المشترك على مختلف الصعد.

وقال رئيسي إنّ «إيران تؤكد على التعددية بوصفها نهجاً عالمياً ومحوراً مشتركاً لمواقف البلدين دولياً».

وعقب الاجتماع شهد الرئيس الصيني ونظيره الإيراني توقيع وثائق تعاون بعدة مجالات من بينها الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والأمن والبنية التحتية والاتصالات. وعقد رئيسي الذي يجري أول زيارة له لبكين اجتماعا مع رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب وعدد من الوزراء تناولت سبل دفع «الاتفاقية الاستراتيجية واسعة النطاق» الموقعة بين بكين وطهران في 2021 والتي تمتد لربع قرب.

وفي وقت تسعى بكين لمد نفوذها باتجاه المنطقة، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، ليل الاثنين الثلاثاء، أن بلده تريد «لعب دور بناء في تعزيز الوحدة والتعاون مع دول في الشرق الأوسط، وتعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط».

وتأتي زيارة الرئيس الإيراني برفقة وفد كبير يضم وزراء الخارجية والاقتصاد والمالية والنفط، بالإضافة إلى كبير المفاوضين بالملف النووي علي باقري، إلى الصين، الشريك التجاري الأول لطهران، في وقت تشهد فيه الجمهورية الإسلامية حركة احتجاجية منذ سبتمبر الماضي وتراجعا قياسيا بقيمة عملتها مقابل الدولار الأميركي.

تجسس ووعيد

إلى ذلك، أعلنت أستراليا، أمس، أنها وضعت حداً لعملية تجسّس إيرانية كانت تجري على أراضيها خلال تظاهرات تضامنية مع حركة الاحتجاج التي اندلعت بعد وفاة الشابة مهسا أميني عقب توقيفها من قبل شرطة الآداب بسبب مخالفتها لقواعد ارتداء الحجاب الإلزامي. وصرحت وزيرة الداخلية كلير اونيل بأن ناشطا إيرانيا أستراليا كان مشاركا في التظاهرات، استهدفته عمليات التجسس.

وقالت: «من القانوني تماماً لأي شخص في أستراليا أن ينتقد نظاماً أجنبياً، كما فعل عشرات الآلاف في جميع أنحاء البلاد رداً على الأحداث في إيران».

وأضافت أن «ما لا نتسامح معه إطلاقا، تحت أي ظرف من الظروف، محاولات أنظمة أجنبية عرقلة التظاهرات السلمية أو تشجيع العنف أو إسكات الآراء».

وأوضحت أونيل أن طهران ضُبطت وهي تتجسّس على عائلة الناشط من دون الخوض في المزيد من التفاصيل.

وتابعت: «لن نقف مكتوفي الأيدي ونترك الأستراليين، أو حتى زوار بلدنا، مراقَبين أو مُلاحَقين من قبل حكومات أجنبية على أرضنا».

وتحمل هذه التصريحات أهمية خاصة بالنظر إلى أن الحكومة الأسترالية غالبا ما تمتنع عن اتهام دول بعمليات تجسس.

خلافة وإقامة

إلى ذلك، سلط تقرير خبراء بالأمم المتحدة الضوء على وجود فرع لتنظيم «القاعدة» الإرهابي في إيران، بعد أن تضمن تأكيد أن الرأي السائد بين الدول الأعضاء يشير إلى انتقال قيادة التنظيم المتشدد إلى سيف العدل، المقيم حالياً في إيران والذي كان مسؤولاً عن تأمين أسامة بن لادن، ودرّب بعض الخاطفين المتورطين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وذكرت لجنة خبراء في تقرير لمجلس الأمن الدولي، جرى تعميمه ليل الاثنين الثلاثاء، أن التنظيم لم يعلن خلافة سيف العدل لأيمن الظواهري، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة مسيّرة بكابول في أغسطس من العام الماضي.

وجاء في التقرير: «لكن خلال المناقشات، التي جرت في نوفمبر ويناير الماضي، تبنت معظم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وجهة نظر، مفادها أن سيف العدل بات زعيماً فعلياً لا منازع له للتنظيم».

وأضافت اللجنة أن التقييمات تختلف بشأن سبب عدم إعلان التنظيم قيادة سيف العدل. وأوضحت أن بعض الدول تشعر أن وجود الظواهري في كابول أحرج حكام «طالبان»، الذين يسعون للحصول على شرعية دولية، وان «القاعدة اختارت عدم التركيز على ذلك من خلال الاعتراف بمقتله».

وتابعت: «مع ذلك، يعتبر معظم الدول أن من العوامل الرئيسية لعدم إعلان خلافة سيف العدل للظواهري وجوده في إيران، الأمر الذي يثير معضلات دينية طائفية وعملياتية كبيرة للقاعدة».

وفيما أشارت اللجنة إلى أن دولة واحدة رفضت مزاعم وجود فرع للقاعدة في إيران، قالت اللجنة إن مكان سيف العدل «يثير تساؤلات من شأنها أن تؤثر بطموحات القاعدة في قيادة حركة عالمية في مواجهة تحديات تنظيم داعش».

وقالت اللجنة إن سيف العدل مدرج على القائمة السوداء للأمم المتحدة باسمه الحقيقي، محمد صلاح الدين عبدالحليم زيدان، وهو مصري المولد، منذ يناير عام 2001.