الوقيان: عشت عملاً نقابياً طلابياً بلا غلو فكري

خلال حفل أقامته كلية الآداب لتكريمه في «يوم الأديب الكويتي»

نشر في 15-02-2023
آخر تحديث 15-02-2023 | 20:16
ضمن فعالية «يوم الأديب الكويتي»، احتفت كلية الآداب بجامعة الكويت بالأديب د. خليفة الوقيان، مشيرة إلى مكانته الثقافية وأهمية دوره الأدبي الكبير.

نظمت اللجنة الثقافية في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الكويت، حفلا لتكريم الأديب د. خليفة الوقيان، ضمن احتفالية «يوم الأديب الكويتي»، بحضور حشد كبير من الأدباء والمثقفين، وأعضاء الهيئة التدريسية، وقام بإدارة الحفل مقرر اللجنة الثقافية في قسم اللغة العربية د. أحمد الفرج.

أحمد الفرج: نحتفل اليوم بأديب كويتي باهر في شعره متفرد بعلمه

وفي بداية الفعالية، قال الفرج إن «قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب جبل على تكريم القامات الأدبية الكويتية الرفيعة منذ تسعينيات القرن الماضي عبر احتفالية يوم الأديب الكويتي، حيث أقيمت الاحتفالية الأولى في نوفمبر 1998، ثم استمر القسم بتكريم كوكبة من الأدباء سنويا، عاما تلو عام، حتى باتت عادة مستحبة لا انفكاك منها إلا ما ندر، ومن حسن الطالع، أننا نحتفل اليوم بأديب كويتي باهر في شعره، متفرد في علمه»، ليتطرق بعدئذ إلى نبذة من سيرته الذاتية.

قامات أدبية

من جانبه، أعرب القائم بأعمال عميد كلية الآداب د. عبدالهادي العجمي عن سعادته «بأن نستحضر في هذه العادة المهمة احتفاء الكويت بالقامات الأدبية»، مبينا أن المؤسسات والمجتمعات جبلت دائما على حمل هاجس النموذج والقدوة والشخصية، وبلا شك فإن الاحتفاء بيوم الأديب واختيار شخصية د. خليفة الوقيان بحد ذاتها جزء من متطلبات ورسالة كلية الآداب، بل جامعة الكويت كلها.

وأكد العجمي أن خلق الأجيال لا يعتمد إلا على تقديم نماذج بالدرجة الأولى، ثم بعد ذلك تأتي المعرفة، موضحا أن الاحتفال بكل نجم من نجوم الثقافة والأدب في الكويت عادة يجب أن تستمر في ظل التحديات التي يعاني منها المجتمع، ليس الكويت فقط بل كل مجتمعات العالم.

وأضاف: «اليوم في هذا الصرح نحتفى بالدكتور الوقيان لأنه الرمز لنموذج من جيل الرواد، ولسبب آخر يمس كلية الآداب وقسم اللغة العربية لأن الدكتور هو أحد رموز هذا القسم، وهو نموذج لمساهمة جامعة الكويت، وقسم اللغة العربية وكلية الآداب في تطوير وصناعة الوعي في الكويت».

خطوة مهمة

وأوضح د. العجمي أن الأديب يقدم صورة من صور المعرفة، وصورة من صور التعامل مع القضايا الفكرية، والتحديات المجتمعية، معلقا: «لأديبنا مساهمات متعددة جعلته بحق يستحق هذا التكريم»، ثم أعطى د. العجمي نماذج لمساهماته، ومنها مجموعة واسعة من الأعمال العلمية، وأهمها كتابه «الثقافة في الكويت: بواكير وريادات»، واصفا الكتاب بأنه خطوة مهمة في تاريخ الثقافة الكويت.

من جانب آخر، قال د. العجمي: «أهم ما نستحضره في تكريمنا لأدبائنا ندرك أن التكريم لأديب بهذا الحجم وهذه المكانة ليس إضافة له، بل رسالة لنا، وهذا المعطى هو رسالة لكل طالب، كل واحد منكم يستطيع أن يكون الدكتور خليفة الوقيان إذا بذل ما بذل هذا الجيل من الإصرار على العمل، من تقديم أدبه وفكره وعلمه ليبني هذا البلد ويؤسس مؤسسات، ويخدم مؤسسات قامت على جهوده ليس أقلها الحديث عن رابطة الأدباء ودوره المهم في هذه المؤسسة التي رعت الثقافة والأدب في الكويت».

صاحب الكلمات المعبرة

بدوره، ذكر رئيس قسم اللغة العربية وآدابها د. عبدالمحسن الطبطبائي: «اليوم نحتفي بأديب مميز هو أبو غسان الشاعر الدكتور خليفة عبدالله فارس الوقيان، صاحب الكلمات المعبرة، والإشراقات المزهرة»، مضيفا أن «أديبنا اليوم هو شاعر من شعراء الكويت الكبار».

وتطرق الطبطبائي إلى سيرته ومجموعة من إنجازاته التي أثرت الساحة الأدبية والثقافية ليقول: «أديبنا الكريم، يسعد قسم اللغة العربية وآدابها بتكريمكم اليوم، كما سعد بتكريم مجموعة من رفقاء دربكم من أدباء الكويت في الأعوام السابقة، وأشكر لكم مرافقتكم الكريمة على حضوركم لهذا التكريم، وأنتم أهل التكريم والتقدير والتحية. ليكون هذا اليوم ليس عنوان تقدير فحسب، بل عنوانات من الوفاء والصدق».

مذاق خاص

من جهته، قال د. خليفة الوقيان: «بناتي، أبنائي، زميلاتي زملائي، سيداتي سادتي:

لكمُ الحبَّ والوداد المصفّى وبكم تزهر الأماني حَرْفا

يا حماة الفصحى إذا أوسعوها في اعتلالِ الزمان خَسْفا وعَسْفا

(ان الثمانين وبلغتها (أنا)/ قد احوجت سمعي إلى ترجمان)

واحوجت قلبي لفيض الحنان، وهئنذا أنعمُ اليوم

بفيض حنانكم ومحبتكم واشعر اني اعيش في حضن

دافئ، وان سمعي ارتد الي فلم اعد بحاجة الى ترجمان

وأضاف: «لكم أيها الاحبة - بعد التحية - شكر لا تتسع له العبارة، ويمتد هذا الشكر ليصل الى زميلات لكم وزملاء ألحوا على تكريمي قبل سنوات خلت ضمن هذا البرنامج يوم الأديب الكويتي، ومنهم من اعدوا بحوثا للمناسبة غير أني اعتذرت عن عدم قبول التكريم لأسباب لا تخفى عليكم».

وعن التكريم، ذكر: «حين يأتي التكريم من جامعة الكويت - ممثلة بقسم اللغة العربية وآدابها فلابد أن يكون له مذاق خاص، ونكهة محببة، ففي هذه الجامعة عشت وزميلاتي وزملائي أجمل الأيام، وأعذب الذكريات، وفيها اكتسبت ثروة نفيسة من المعارف والخبرات والصداقات، كما عشت حقبة العمل النقابي الطلابي المُبَرَّء من الأمراض الاجتماعية والغلو الفكري. كانت لغة الحوار بعيدة عن التوتر والتجريح والتكفير والفجور في الخصومة، إذ كانت ثمة إيمان بأن الأرض تتسع لكل الاجتهادات، (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، وسوف يبقون مختلفين والتطور لا يأتي لأي أمة حين يسودها فكر سكوني وإقصائي، يصادر الاجتهادات ويغيب النقد، والنقد الذاتي».

وتابع: «أيها الأحبة. أسعدني الحظ وأبناء جيلي حين تتلمذنا على أعلام العصر في هذه الجامعة، وأحسب أنها حالة استثنائية أن يقدر لطلبة قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية، على سبيل المثال، التتلمذ على يد الأساتذة الأجلاء، شوقي ضيف، نازك الملائكة، شاكر مصطفى، عبدالسلام هارون، محمد المدني، محمود مكي، أحمد الغندور، إبراهيم عبدالرحمن، موسى هنداوي، يوسف خليف، جمال قاسم، محمد عبدالهادي أبوريدة، عبدالعزيز مطر... وغيرهم، فضلا عن الاختلاط بالأعلام المميزين في الأقسام والكليات الأخرى».

واستطرد الوقيان متحدثا: «أما المناهج فلا يتسع المجال للحديث عن ثرائها، لاسيما في مجال الدراسات الإسلامية، إذ كان اسم القسم «قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية». وحتى لا نبخس الناس أشياءهم فلابد أن أشير إلى مصر العزيزة فضلا كبيرا في السماح بإعارة كوكبة من علمائها الذين أسهموا في تأسيس جامعة الكويت، ومتابعة مسيرتها في مرحلة التأسيس بقيادة مدير الجامعة عبدالفتاح إسماعيل».

وأضاف: «معذرة إن كنت خرجت عن حدود منهج هذا اللقاء، وأسلمت قيادي للتداعيات والالتفات إلى زمن جميل مضى.

وبعدُ فشكراً لكم أيها الأحبة، شكرا لكل من اقترح تكريمي في مرحلة سابقة، وشكرا لمن أعاد اقتراح التكريم في يوم الأديب الكويتي، وشكرا لكل من أعد بحثاً، أو شهادة أو كلمة أو تحمل مشقة حضور هذه المناسبة الثقافية الاجتماعية الوجدانية».

شاعر الكويت

أما أستاذة الأدب الخليجي والجزيرة العربية، دكتورة نورية الرومي، فقالت «يحتفل قسم اللغة العربية اليوم كعادته سنوياً بأديب من أدباء الكويت، الذين أثروا الحركة الأدبية فيها، واليوم نحتفل بتكريم شاعر الكويت الدكتور خليفة الوقيان، وهو غني عن التعريف، فالعارف لا يعرف صاحب دواوين مختلفة، أثرى الحركة الشعرية على مستوى الكويت والخليج العربي، وهو رمز من رموز الحركة الشعرية، وقد تنقل في محطات عديدة في دواوينه المختلفة، عبّر عن قلق الإنسان وهمه، وبحث الإنسان عن الخلاص من هذه الهموم في تيار رومانسي زاوج فيه بين الرومانسية والواقعية في ألفاظ عذبة وصور شعرية».

نورية الرومي : المحتفى به رمز من رموز الحركة الشعرية

وأكدت د. الرومي أنها لا يمكن أن توجز دور د. خليفة بالحركة الشعرية في دواوينه المختلفة في هذه العجالة، وختمت قولها فإذا كان اليوم تكريم للشاعر الوقيان لتقول «فبرأيي هو الذي يكرم اليوم كلية الآداب وقسم اللغة العربية بحضوره إلينا».

البناء الفكري

وعبّرت دكتورة هيفاء السنعوسي عن سعادتها قائلة «سعيدة جداً بالتكريم الشاعر خليفة الوقيان وشهادتي به مجروحة، لأنه ولد خالتي». واستذكرت د. السنعوسي بعض المواقف «منذ أن وعيت وأنا أدرك أن خليفة شاعر في بيتنا، وكانت تجمعنا الرسائل الكتابية قبل زمن السويشال ميديا والوتساب، فأتذكر أنه كان يترك رسائل عند خالتي فاطمة، وكان يبدأ مطلعها ابنتي العزيزة هيفاء، وكان يعرف أني أحب الأدب والشعر، ولذلك اهتم أن يراسلني».

وذكرت: تطورت هذه القضية حين بدأت تتعمق في شعر الوقيان حتى وصلت أنه بعد انتهائها من البكالوريوس من ليسانس آداب اللغة العربية أرادت أن تقوم برسالة الماجستير، وكانت عن الشاعر خليفة الوقيان، وأصدرت كتابا بعد انتهائها من رسالة الماجستير، وكان يحمل عنوان «شعر خليفة الوقيان بين الموقف الفكري والبناء الفني».

وختمت حديثها بالتعبير عن سعادتها بتكريم رمز من رموز الأدب، وعلامة بارزة في تاريخ الكويت.

ووصفت دكتورة لطيفة التمار في حديثها دكتور خليفة الوقيان بأنه أحد رموز الأدب في الكويت، وقالت «يسعدنا قسم اللغة العربية أن يكون اليوم هو تكريم الشاعر الفذ، الذي يعتبر من أهم رموز الحركة الشعرية في الكويت وفي الخليج والوطن العربي، حيث تكلم عن قضايا كثيرة تهم الشارع الكويتي والأمة العربية، وعرف عنه بشاعر القومية العربية».

شاعر الإنسانية والديموقراطية

بدورها، عنونت د. سعاد العنزي شهادتها: «خليفة الوقيان... شاعر الإنسانية والديموقراطية» وقالت: «إن شاعرنا اليوم هو شاعر جمع في قصيدته جميع أطياف الحداثة والأصالة، التقليد والتجديد، هو أحد أبرز أعلام الحركة الشعرية في الكويت والخليج العربي، اسم يتردد لزمن إبداعي أصيل متفرد في عطائه الإنساني ومتمايز عن الأغيار ببصمته الإنسانية العالية، وبحسه العروبي القوي، ووطنيته العالية، قصيدته عوالم إنسانية رحبة مليئة بالشغف، والحب، والصداقة والوفاء، وأبوة تحاور الطفولة بدفقات شاعرية حانية، وومضات تعليمية ثاقبة، همه هم إنساني موضوعي خرج من نطاق الدوائر الذاتية إلى حدود العالمية، يشدو للإنسانية فتتحرك همم أولي البصيرة، قصائده تحدثك عن إرث تاريخي مشترك، يقاربه من زاوية ورؤى تخص شاعرنا وحده، تتقاطع مع الأغيار ولا تتشابه أو تكرر نفسها... تقرأ له فتحس بروح شعراء التجديد العرب من أمثال السياب والبياتي وغيرهم».

وتابعت: «أفق حداثية وقصيدة تنشد الموسيقى الداخلية في عوالمها الأكثر حركة، وأخرى تأتيك شامخة شموخ القصائد العمودية... رؤاه رؤى مثقف أصيل، نهم في منابع المعرفة التي تتجلى منثورة في النص، وإن صمت ففي صمته حكمة وترفع الحكماء عن الجهلاء».

وتضمنت الاحتفالية ورقة بحثية قدمتها طالبة الدراسات العليا الهنوف العنزي عن المحتفى به، فيما ألقى أيضاً نواف الربيِّع وفاطمة القلاف من طلاب الدراسات العليا قصائد للشاعر الوقيان، كما عرض في التكريم فيلم عن رسالة الوقيان الإنسانية عبر نصوصه الشعرية.

علامة بارزة من علامات الثقافة

من بين الشهادات التي قدمت شهادة للأديب سليمان الشطي، حيث قال «أنا سعيد اليوم بهذا الاحتفال للدكتور خليفة، لأنني اعتبره احتفالاً لي ولكل جيلنا، لأنه علامة بارزة من علامات الثقافة، وعلامة الإبداع الفني، وعلامات الشخصيات البارزة المؤثرة والمحترمة، القائدة والقدوة».

سليمان الشطي: على يديه أنشئت المشاريع المهمة في المجلس الوطني للثقافة

وأضاف د. الشطي «تجمعني بالدكتور خليفة سنوات لا تعد تجاوزت نصف القرن وبالتحديد 57 عاماً من الصداقة ومن الاشتراك الأدبي، والثقافة، والجدل الفكري الرفيع، وفي كل هذه السنوات ما جلسته معه إلا وخرجت بفائدتي، وما ناقشت أمراً إلا وقد أضيف لي شيء».

وتابع أن «د. خليفة من الشخصيات التي لا تعوض دائماً متميز فيما يصنع ويفعل، فهو شاعر متميز وكتبت عنه مرتين مرة في كتاب الشعر الطويل، ومرة في المختصر، وما كتبته لا يفي بحقه، وهو حق كبير في الشعر. وعندما ننظر للثقافة فقد وضع بذرة رفيعة على مستويين، على مستوى البحث الأدبي ويمكن أن أشير إلى كتابه الذي أصبح عمدة المعرفة بالثقافة الكويتية، والذي طبع طبعات كثيرة، وهذا جانب في التأليف وما أكثر ما ألف».

وذكر أن د. الوقيان كان له تأثير من خلال العمل المباشر فقد كان أميناً في المجلس الوطني في عزه، مع المرحوم الأستاذ أحمد العدواني، وعلى يديه أنشئت المشروعات المهمة والكبيرة التي إلى الآن نفخر بها ومنها المجلس الوطني، ومعرض الكتاب، عالم المعرفة، الثقافة الأجنبية، وغير ذلك من الأمور هي من غرس يديه، ومن فعله، ومباشرته، ومتابعته، وإلى الآن نفخر بهذه الأعمال.

طالب الرفاعي: تكريم الوقيان تكريم للشعر والرواية والثقافة الكويتية

من جانبه، قال الأديب طالب الرفاعي، إن «تكريم أي أديب كويتي إنما هو تكريم لساحة الأدب الكويتية هكذا دائماً أقول، بالتالي فإن تكريم قامة كبيرة بوزن وحضور وموهبة وإبداع وفكر د. خليفة الوقيان مؤكد هو تكريم للساحة الأدبية والفكرية خصوصاً والموهبة الشعرية الباكرة التي تميز فيها وحضوره على مستوى القضايا العربية وأخيراً حضوره الدائم، وهو جسر بين الأجيال في الكويت لذا فإن تكريم خليفة الوقيان هو تكريم للشعر والرواية والثقافه وفي الأخير هو تكريم للساحة الثقافية الكويتية».

back to top