قاد المدّرس المتقاعد محمد المطيري سيارته مسافة 550 كيلومتراً من القصيم وسط السعودية إلى رفحاء في شمال شرق المملكة للاستمتاع برؤية سهول الخزامى البرية، في مشهد يذكّر بما يمكن رؤيته في بلدان أوروبية لكنّه غير مألوف في الدولة الخليجية.

وبين الزهور الأرجوانية النابتة في الصحراء، جلس المطيري «50 عاماً» مع أصدقائه بالقرب من سيارتهم الرباعية الدفع وخيمة، يتحدّثون عن دهشتهم لرؤية هذا المنظر في البلد المعروف بطقسه الحار.

وقال لوكالة «فرانس برس» وهو يشير إلى السهول الممتدة على مسافات طويلة، إن منظر هذه الأزهار وروائحها «تردّ الروح»، مضيفاً «لا أحد يتوقع أن هذا المشهد في السعودية».

Ad


بعد تساقط غزير للأمطار، نمت نبتات الخزامى البرية بأعداد كبيرة للغاية في هذا الموقع الصحراوي في شمال شرق السعودية، ما جعل المنطقة القاحلة تكتسي باللون الأرجواني وتجتذب هواة التخييم من المملكة وخارجها.

وتزيّنت السهول والمرتفعات في مدينة رفحاء الواقعة بالقرب من الحدود مع العراق، باللون الأرجواني الفاتح الذي تتميّز به نبتة الخزامى البرية هذه.

وتنمو هذه الزهرة العطرية التي تشبه السنبلة، وتحمل أزهاراً أرجوانية صغيرة على سيقان طويلة، في المنطقة بعد موسم الأمطار، على ما أفاد سكانها صحافيي وكالة فرانس برس.

ويدفع المشهد الخلّاب والهواء العليل الكثير من السعوديين المولعين بالتخييم في الصحراء خلال الشتاء، لشد الرّحال شمالاً والتخييم في هذه الأجواء الباردة العابقة برائحة الخزامى البرية.

من بين هؤلاء، رجل الأعمال السعودي ناصر الكرعاني «55 عاماً» الذي قطع مسافة 770 كيلومتراً من الرياض مع أصدقائه للاستمتاع بالمشهد.

وقال الكرعاني الذي ارتدى سترة داكنة ثقيلة فوق ثوبه التقليدي، لـ«فرانس برس» إنّ هذه «الأجواء تُشعرني براحة نفسية».

وتابع وهو يشعل النار في حطب للتدفئة أمام خيمة أنّ هذا «المشهد يستمر من 15 إلى 20 يوماً في العام ونأتي لنستمتع به خصيصاً».

وفي أرجاء المنطقة، نصب الزوار خيامهم ووقفوا يطبخون الطعام في الهواء العليل، مستمتعين بالهدوء المطبق على المكان.

ومنع السكان المحليون مرور الإبل في المنطقة حتى لا تلتهم الزهور اليافعة.

وشهدت مختلف المدن السعودية أمطاراً غزيرة غير مسبوقة هذا الشتاء، تسبّبت أيضاً بنمو شجيرات خضراء على طول الطريق بين مدينتي جدة ومكة في غرب البلاد، في مشهد غير مسبوق على الإطلاق.

وبالنسبة للمعلّم هزاع المطيري (56 عاماً) الذي جاء رفقة أصدقائه من القصيم، فإن «المشهد يعطي الإنسان دافعاً جديد للحياة».

وتابع الرجل الذي اعتمر شماغاً تقليدياً باللونين الأحمر والأبيض «هنا تُشحن الطاقات والهمم أمام هذه المناظر الجميلة».

وما أن سمع بظهور نبتات الخزامى البرية على نطاق واسع في المنطقة، قرّر الموظف القطري عبدالرحمن المري استكشاف الأمر نفسه، فقطع مسافة 1150 كيلومتراً مع شقيقه بالسيارة.

وأبدى المري سعادته بـ«أجواء من وحي الخيال وخلاب، كأنك في جنة»، مؤكدا أنّ «المشهد يستحق اجتياز كل هذه المسافة من قطر».