ذكر التقرير الاسبوعي لشركة الشال للاستشارات الاقتصادية أنه ما بين عام 1962 و26 يناير 2023 تشكلت في الكويت 42 حكومة بمعدل 522 يوماً لكل حكومة، وفي الحقبة من 1962 إلى 2006 بلغ عمر الحكومة 765 يوماً، وما بين 2006 و26 يناير 2023 بلغ عمر الحكومة 275 يوماً، أي انخفض بنحو 64%. وفي الحقبة ما بين 14 ديسمبر 2020 و26 يناير 2023 تشكلت 6 حكومات، وبلغ معدل عمر الحكومة الواحدة 99 يوماً.
وقال الشال، إن مشكلة تلك الحقبة ليست قصر عمر الحكومات فقط، إنما الارتفاع الكبير في اقتصار عملها على تصريف العاجل من الأمور. دامت تلك الحقبة 794 يوماً بدءاً من 14 ديسمبر 2020 إلى نهاية الأسبوع الفائت أي 16 فبراير 2023، كان نصيب عمر الحكومات بكامل سلطتها 594 يوماً، وبتصريف العاجل من الأمور 200 يوم، أي أنها حقبة كانت فيها الكويت تعيش يوماً واحداً من كل أربعة أيام تمارس فيه حكومتها مهمة تصريف العاجل من الأمور. والسبب هو في تكرار خطأ استنساخ كل حكومة من عينة سابقاتها حتى لو تغير كل شخوصها، والتاريخ بتطوراته وواقع الحال، لا يحملان أي شك في استحالة استقرارها وفق ذلك التشكيل، ولا يبدو أننا نتعلم من تجاربنا.
وبين أن ذلك يحدث في زمن كل العالم بات فيه على مفترق طرق، أزمة اقتصادية طاحنة، وأزمة جيوسياسية في أوروبا لا يعرف أحد احتمالات تطورها، وقد تكون وخيمة، والإقليم حولنا يغلي، ولا يمكن القراءة والتفاعل مع تلك الأحداث والتحوط لتداعياتها المستقبلية في غياب الحكومة المستقرة والراعية لمصالح البلد، وفي بلد الحكومة فيه المسؤول الأول، اقتصادياً ومالياً وسياسياً واجتماعياً.
وشدد على أن للحكومات رصيداً، والرصيد يتراكم نتيجة إنجاز بعد إنجاز، والإنجاز يحتاج إلى كفاءة وتفرغ كامل للعمل النظيف، وإلى الاستقرار، والحكومات المتعاقبة افتقرت إلى العناصر الثلاثة. حكومات تحصل على كل الدخل، ومصدره سيادي، وتوظف 83.6% من العمالة المواطنة، وهم إلى ازدياد عدداً ونسبة مع استمرار حال الشلل لأي إصلاح اقتصادي، ومن ضمن مسؤولياتها الارتقاء بالتعليم والخدمات الصحية والبنى التحتية والإسكان، وتصريف العاجل من الأمور لا يتعامل مع التخطيط لمواجهة المستقبل، سواء على المستوى العالمي والإقليمي، أو على المستوى المحلي.
وقال الشال، إنه بسبب افتقادها للعناصر الثلاثة المذكورة، وبسبب فشلها في شراء استقرارها الاصطناعي رغم هدر المليارات من الدنانير، لم تستمر الحكومة رقم (42) سوى نحو 102 يوم، وكانت الحكومة رقم (40) استمرت من 1 أغسطس 2022 حتى انتهاء انتخابات مجلس الأمة ولمدة 62 يوماً، وبينهما حكومة لم تقسم استمرت يوماً واحداً فقط. وحتى نهاية الأسبوع الفائت (16 فبراير 2023) مضى على استقالة الحكومة الأخيرة نحو 3 أسابيع، ولم يعلن عن تشكيل الحكومة (43)، ولم يعلن عن أي مدى زمني لاستمرار الحكومة المستقيلة في تصريف العاجل من الأمور. وفي سابقة تاريخية، استمرت الحكومة رقم (39) نحو 83 يوماً في مهمة تصريف العاجل، وكانت هناك حكومات مارست عملها الكامل لأقصر من تلك المدة.
وأكد أنه ليس من مصلحة أحد أن يفشل الجناح الأهم في الإدارة العامة، أي الحكومة، وليس من مصلحة أحد أن يزداد التذمر من الأوضاع والاقتراب من حالة يأس من الإصلاح، والواقع أن مصلحة الجميع في بلد صغير وفي عالم يعيش أوضاعاً غير مستقرة، أن تبلغ اللحمة الداخلية أقصاها. كل المطلوب هو الإيمان بأن الحكومة ليست حكماً، الحكومة مجرد جهاز إداري مؤقت مهمته تنمية ثروة البلد المالية وتقدمها في كل المجالات وبناء رأسمالها البشري وضمان استدامتها، والخلاف مع الحكومة هو خلاف حول العجز الإداري عن الإنجاز وليس خلافاً على الحكم، والمأمول عدم استنساخ الحكومة رقم (43) لتأتي بمواصفات الحكومات التي سبقتها إذا كان الهدف استقرارها، أما البديل، فقد يحول تصريف العاجل من الأمور وهو استثناء نادر، إلى قاعدة. عندها تتحول كل شؤون البلد إلى مجرد تصريف العاجل من الأمور.