استمر سيناريو «عدم الهبوط›› الذي ترددت أصداؤه مؤخراً مع ظهور بيانات قوية للاقتصادي الأميركي بصورة مفاجئة مرة أخرى، في إشارة إلى أن الانكماش الذي كان من المتوقع له الظهور بالولايات المتحدة على نطاق واسع بنهاية الربع الأول، وبداية الربع الثاني من العام قد لا يتحقق.

وحسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، ساهمت بيانات مؤشر أسعار المستهلكين والتعليقات المتشددة من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي في تعزيز مخاوف الأسواق من بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما تم تسعيره في وقت سابق، إذ ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي على أساس سنوي بنسبة 6.4 في المئة في يناير، أي أكثر من التوقعات البالغة 6.2 في المئة. في ذات الوقت، بلغت قراءة مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 5.6 في المئة على أساس سنوي، بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.5 في المئة على أساس شهري، مسجلاً بذلك أعلى معدل نمو يشهده في ثلاثة أشهر وأعلى بكثير من معدل النمو بنسبة 0.1 في المئة الذي سجله في ديسمبر. ويعزى تباطؤ وتيرة التراجع إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، مما أدى إلى تعزيز موقف المتحدثين الفدراليين، الذين أشاروا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود لخفض معدلات التضخم المستهدف إلى مستوى 2 في المئة. وكان من بين هؤلاء المسؤولين، رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في دالاس لوري لوجان التي قالت: «يجب أن نظل مستعدين لمواصلة رفع أسعار الفائدة لفترة أطول مما كان متوقعاً في السابق».

Ad

وأكد متحدثون آخرون في «الفدرالي» تباطؤ وتيرة التضخم، إلا أنهم شددوا على أن الطريق للوصول بمعدل التضخم إلى نسبة 2 في المئة سيكون «وعراً»، وأن رفع معدلات الفائدة بوتيرة أعلى أو الإبقاء على معدلات فائدة تقييدية خلال إطار زمني أطول قد تكون من التدابير المطلوبة لتحقيق ذلك.

وتشير العقود الآجلة للأموال الفدرالية الآن إلى وصولها إلى مستوى ذروة قد يتخطى أكثر من 5.2 في المئة بمنتصف العام وارتفاع معدلات الفائدة بمستوى أعلى من 5 في المئة بنهاية العام.

من جهة أخرى، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 3 في المئة في يناير مقابل التوقعات البالغة 1.9 في المئة، مسجلة بذلك أعلى معدل نمو شهري منذ عامين تقريباً. بالإضافة إلى ذلك، وصلت مبيعات التجزئة الأساسية لشهر يناير إلى 2.3 في المئة مقابل توقعات بوصولها إلى 0.9 في المئة. وكانت الوظائف والإنفاق الاستهلاكي أكثر مرونة من معظم التوقعات، إذ ساهم اقتراب معدل البطالة من أدنى مستوياته المسجلة منذ 50 عاماً في تعزيز إنفاق المستهلكين. وفي الوقت الذي تراجعت فيه معدلات التضخم في قطاع السلع خلال الأشهر الأخيرة، إلا أنها ظلت ثابتة في قطاع الخدمات والسلع الاساسية. كما ارتفعت أسعار المنتجين في أكبر اقتصاد على مستوى العالم بنسبة 0.5 في المئة و0.7 في المئة لقراءة كل من المؤشر الكلي والاساسي على التوالي. وقد تساهم بيانات مبيعات التجزئة وأسعار المنتجين لشهر يناير في إضافة المزيد من الدعم بضرورة قيام الاحتياطي الفدرالي بالمزيد، حتى يتمكن من خفض معدل التضخم إلى المستوى المستهدف بنسبة 2 في المئة.

تحركات الأسواق

وعلى صعيد أسواق العملات الاجنبية، ارتفع الدولار بقوة ووصل إلى أعلى مستوياته المسجلة في ستة أسابيع، وصولاً إلى 104.667 يوم الجمعة، حيث ساهمت البيانات الاقتصادية القوية والنبرة المتشددة لمسؤولي الاحتياطي الفدرالي في تعزيز الدولار. أما بالنسبة لسوق أدوات الدخل الثابت، فقد تعمق انعكاس منحنى العائد بين عائدات سندات الخزانة لأجل عامين وعشر سنوات إلى 80 نقطة أساس، وسط توقعات بتطبيق المزيد من السياسات المتشددة خلال العام الحالي.

تعليقات لاغارد

صرحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، مساء الأربعاء بأن التضخم في منطقة اليورو لايزال مرتفعاً بصورة استثنائية، مؤكدة مواصلة المركزي الأوروبي رفع أسعار الفائدة لتخفيف ضغوط الأسعار الأساسية، ومكررة توجيهات السياسة التي أعلن عنها البنك مؤخراً. وقام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ يوليو الماضي بوتيرة تراكمية، وأكد رفعها مرة أخرى بمقدار 50 نقطة أساس في مارس لخفض معدلات التضخم الذي كان مدفوعاً في البداية بتزايد تكاليف الطاقة، إلا أن نطاقه أتسع ليؤثر على كافة القطاعات تقريباً. وأشارت لاغارد إلى أنه على الرغم من أن معظم مقاييس توقعات التضخم على المدى الطويل تقف حالياً عند نحو 2 في المئة، إلا أن هذه الإجراءات تتطلب مراقبة مستمرة. وعلى الرغم من ارتفاع مستويات الثقة وتراجع أسعار الطاقة، إلا أن المركزي الأوروبي يتوقع أن يظل النشاط ضعيفاً على المدى القريب. ويقوم السوق حالياً بتسعير رفع سعر الفائدة بمقدار 120 نقطة أساس حتى سبتمبر من العام الحالي.