فشل لقاء وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ونظيره الصيني، وانغ يي، في احتواء التوتر المتصاعد بين بلديهما، مع تبادل الطرفين التحذيرات من عواقب تكرار حوادث التجسس أو التدخل في حرب أوكرانيا.
وغداة الاجتماع النادر، الذي استمر ساعة بين بلينكن ووانغ يي على هامش مؤتمر ميونيخ، حذرت وزارة الخارجية الصينية، أمس، إدارة الرئيس جو بايدن من أنها «ستكون مسؤولة عن كل العواقب» إذا صعدت الخلاف بشأن المنطاد، الذي أسقطه الجيش الأميركي في الرابع من فبراير، مؤكدة أنها ستقوم «بالمتابعة حتى النهاية» حال «إصرارها على استغلال الأمر».
ووفق الوزارة، فإن وانغ يي أبلغ بلينكن بضرورة أن تغيّر واشنطن مسارها بشأن حادثة تحليق المنطاد فوق أراضيها، والاعتراف وإصلاح الضرر الذي لحق بعلاقاتها مع بكين جراء استخدامها العشوائي والمفرط للقوة.
وأمام جمع من القادة والخبراء المجتمعين في مؤتمر ميونيخ الأمني، حمل وزير الخارجية الصيني، أمس الأول، على واشنطن بلهجة شديدة، مستنكراً إجراءاتها «الحمائية ورد فعلها الهستيري السخيف على تحليق المنطاد»، الذي كرر أنه كان مخصصاً لأبحاث الطقس انجرف إلى المجال الجوي الأميركي على نحو عرضي.
وتساءل وانغ يي: «السماء مليئة بالمناطيد من دول مختلفة. هل تريدون إسقاط كل منها؟ هذا لا يبرهن أن أميركا قوية»، مضيفاً أن إسقاط المنطاد هو «إساءة استخدام للقوة بنسبة 100 في المئة، نحضّ الولايات المتحدة على عدم القيام بمثل هذه الأمور السخيفة لمجرد صرف الأنظار عن مشكلاتها الداخلية والتعامل مع هذا الوضع بهدوء واحتراف. لكنها للأسف، تتجاهل الحقائق وتستخدم طائرات مقاتلة متقدمة لإسقاط منطاد بصواريخها».
رد أميركي
وفي واشنطن، قال بلينكن، لقناة «إن بي سي نيوز»، إن نظيره الصيني لم يعتذر عن الحادث خلال اجتماعهما في ميونيخ، مؤكداً أن واشنطن لم تبالغ في إسقاطها المنطاد الذي ليس هناك شك في أنه كان يحاول القيام بعملية تجسس، وأنها لا يمكن أن تسمح بذلك أن يحدث مرة أخرى، و«ستنافس وستدافع دون اعتذار عن قيمها ومصالحها».
وشدد بلينكن خلال اللقاء، على أن قضية المنطاد، التي دفعته لتأجيل زيارة نادرة إلى بكين أوائل فبراير الجاري وأعادت إذكاء التوترات، كان «عملاً غير مسؤول يجب ألا يتكرر أبداً»، موضحاً أن الولايات المتحدة «لن تتسامح مع أي انتهاك لسيادتها، وأن برنامج مناطيد المراقبة الصيني على ارتفاعات عالية قد كشف أمام أعين العالم».
لكنه أشار كذلك إلى أن واشنطن لا تسعى إلى «نزاع» مع بكين أو «حرب باردة جديدة»، وتنوي إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة رغم خلافاتهما.
حرب أوكرانيا
وفيما يتعلق بحرب أوكرانيا، أكد وانغ يي أنه على موسكو وكييف «الجلوس حول الطاولة وإيجاد حل سياسي للنزاع».
وقال ان بلاده ستقدم مبادرة حول «التسوية السياسية» للأزمة.
ولاحقاً، أكد بلينكن، لشبكة «سي بي إس نيوز»، أن الصين تدرس «بنشاط» تقديم دعم فتاك، بما في ذلك الأسلحة والذخيرة لمساعدة روسا في حربها ضد أوكرانيا.
وقال بلينكن: «لقد رأينا الصينيين يقدمون دعماً غير فتاك لروسيا لاستخدامه في أوكرانيا»، مشيراً الى أن الشركات الصينية تقدم بالفعل دعماً غير قاتل لموسكو، لكنه أضاف: «يعتمد القلق الذي يساورنا الآن على معلومات لدينا تفيد بأنهم يفكرون في تقديم دعم فتاك، وقد أوضحنا لهم أن ذلك من شأنه سيكون له عواقب وخيمة على علاقتنا».
وفي وقت سابق، شكّكت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، الموجودة أيضاً في ميونيخ، في حياد الصين بحرب أوكرانيا، وقالت إن الولايات المتحدة «منزعجة من قيام بكين بتعميق علاقاتها مع موسكو منذ بداية الحرب».
وحذّرت هاريس من أن «أي تحرك من جانب الصين لتقديم دعم فتاك لروسيا لن يؤدي إلا الى مكافأة العدوان ومواصلة القتل وتقويض نظام قائم على قواعد».
وبينما لاتزال الدول الأوروبية، خصوصاً ألمانيا وفرنسا، تأمل في إقناع الصين بالضغط على الرئيس فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب، ذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الحاضر أيضاً في ميونيخ، الغربيين بالخطأ الذي ارتكبوه مع روسيا عبر التعويل عليها لإمدادهم بالطاقة، داعياً إلى «عدم ارتكاب الخطأ نفسه مع الصين».
وقال: «يجب ألا نكون معتمدين كثيراً في المنتجات والمواد الأولية التي نستوردها».
إلى ذلك، قال وانغ يي، إنه يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي إعادة الاتصالات الثنائية بينهما إلى مستويات ما قبل الجائحة في أقرب وقت ممكن للحفاظ على استقرار سلاسل الإنتاج والإمداد العالمية.
فيما رأى الجنرال الأميركي برادلي تشانس سالتزمان قائد عمليات الفضاء في سلاح الجو الأميركي في ميونيخ أن الفضاء «شهد تحولاً جوهرياً» في غضون سنوات قليلة، بسبب سباق التسلح المطرد، معتبراً أن الصين تشكل «التهديد الأكبر».