من الأمور التي اتفقت عليها بعض القوى السياسية في اجتماعاتها حول الفساد قبل شهور إلغاء الاستثناءات في كل القوانين المعمول بها في الدولة، والتي تسببت في كثير من التفاوت في المعاملة بين المواطنين، فبعض المواطنين يحصل بالاستثناء على ما لا يحصل عليه غيره من المواطنين المتساوين معه في المركز القانوني، وهذا الوضع المشين أدى إلى كثير من الاستياء والتبرم والامتعاض عند المواطنين الذين يرون أن غيرهم استفاد بالاستثناء في حين حرموا هم منه.

وهذه الاستثناءات مخالفة للأصل العام، وهو أن يكون القانون عاماً ومجرداً، أي أن يكون عاماً على الجميع ومجرداً من أي انحياز أو هوى، ولكن كثيراً ما استخدمت الاستثناءات لتحقيق مكاسب غير مستحقة، مثل الحصول على الجنسية، والنقل بين الوزارات للحصول على رواتب أفضل والترقيات، وأخيراً المعاشات التقاعدية.

Ad

لذلك قامت مجموعة من القوى السياسية بإعداد اقتراحات بقوانين تقضي بإلغاء هذه الاستثناءات من القوانين، وقامت بتسليمها إلى جميع النواب في المجلس الماضي الذين عاد أغلبهم إلى المجلس الحالي، ولكن للأسف لم يعط الأعضاء هذه القضية الإصلاحية الخطيرة الأولوية المطلوبة، فانصرفوا عنها إلى غيرها من القوانين التي ليست ذات أولوية، والقوانين السيئة الضارة، كما أن بعضهم استخدم الاستثناء لخدمة ومصلحة مفاتيحه الانتخابية، ومن الأعذار التي قيلت إن استخدام الاستثناء الوارد في المادة (80) من قانون التأمينات يخدم النواب في حال تم حل المجلس، وهذ خطأ، إذ إن النواب مواطنون متساوون مع غيرهم في الحقوق والواجبات ويستطيعون العمل في الحكومة أو في القطاع الخاص إذا تم حل المجلس، بالإضافة إلى تمتعهم بقانون تقاعد النواب، كما أن المادة (80) لم توضع لمصلحة النواب في الأصل.

ومن المؤسف أن يستغل الوزراء هذا الاستثناء لصرف معاشات استثنائية فلكية لأنفسهم بمبلغ ستة آلاف دينار، فيتم الجمع بين التقاعد الاستثنائي مع راتب الوزير أثناء الخدمة، ويستمر صرف المعاش الاستثنائي بعد الخدمة حتى الوفاة في مخالفة صارخة لقانون تعارض المصالح.

وإذا كان استخدام هذه المادة لتسوية بعض المعاشات بمبالغ معينة في السابق، فلا يوجد أي مبرر لاستمرار استخدامها وبأرقام فلكية اليوم، حيث أصبحت حديث الناس في كل مكان، وبات معلوماً أن هذه المعاشات الاعتبارية، بالإضافة إلى التقاعد المبكر، من أهم أسباب عجز التأمينات، والتي تلتزم الحكومة بسدادها من الميزانية حسب القانون، كما ظهر لكل متابع أن الاستثناءات هي من أهم أسباب التبرم والاستياء الشعبي، وكثيراً ما تم استخدامها في التحريض على المجلس والحكومة والحكم أيضاً.

لذلك يجب، وعلى الفور وتحقيقا للعدالة وحسماً لكل خلاف، إلغاء جميع قرارات الاستثناءات التي صدرت من الحكومة وتسوية آثارها، وفتح صفحة جديدة، والله الموفق.

آخر الكلام:

الرواتب وبناء عليها المعاشات التقاعدية يجب أن تكون متناسبة مع فترة الخدمة وطول الدوام والتخصص النادر.