كشف مصدر في «فيلق القدس» الإيراني لـ «الجريدة» أن القصف الإسرائيلي الذي ضرب منطقة كفرسوسة في العاصمة السورية دمشق ليل السبت ـ الأحد، كان يستهدف اجتماعاً لبعض قادة الفصائل الموالية لإيران مع اللواء إسماعيل قآني قائد الفيلق الذي يعد الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، في وقت أقر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتعرض ناقلة نفط إسرائيلية لهجوم بطائرة مسيرة الأسبوع الماضي في بحر العرب.
وحسب المصدر، فإن الروس أبلغوا الإيرانيين أنهم رصدوا تحركات إسرائيلية مشبوهة، وطلبوا من قآني اتخاذ الحيطة، وبناء على هذا التحذير، جرى تغيير مكان الاجتماع قبل نصف ساعة فقط من موعده، وبالفعل تم قصف ذلك المكان.
وأضاف أن الإسرائيليين عادة ما يبلغون الروس مسبقاً بالقصف لسحب أي قوات روسية، في حال وجدت، من المكان المستهدف، وأن الروس بدورهم يبلغون الإيرانيين الذين يقومون بسحب عناصرهم، وهذا ما يفسر حصيلة الضحايا الضئيلة خلال أكثر من 5 سنوات من القصف الإسرائيلي المتواصل الذي يستهدف مواقع إيرانية في سورية، لكن هذه المرة كان القصف دون سابق إنذار، مما يعني أنه كانت هناك نية إسرائيلية لاغتيال قآني وقادة الفصائل الموالية لإيران في سورية، وهو ما فسرته دوائر أمنية في طهران بأنه محاولة من نتنياهو لإشعال فتيل توتر كبير، للهروب من مشاكله الداخلية لأنه يعلم أن اغتيال قآني لن يمر دون رد إيراني.
ولم يشر المصدر إلى أسماء القادة الذين كانوا موجودين في الاجتماع، لكنه أكد أن بينهم إيرانيين وعراقيين وسوريين ولبنانيين وفلسطينيين، مضيفاً أن الموقع الأصلي للاجتماع كان في مبنى يعد آمناً قرب قاعدة أمنية تابعة للحرس في دمشق.
ولفت إلى أنه بعد فشل العملية، جرت اتصالات إسرائيلية بموسكو لإيصال رسالة للإيرانيين بأن قآني لم يكن مستهدفاً وأن المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية وراء الضربة لم تشر إلى مشاركته في الاجتماع.
من ناحيتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية مقتل 5 أشخاص، بينهم عسكري، وإصابة 15 آخرين في «حصيلة أولية» للغارة، في حين أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 15 شخصاً بينهم سيدتان على الأقل، وهي الحصيلة الأعلى في العاصمة السورية نتيجة ضربة مماثلة، إذ نادراً ما تشنّ إسرائيل ضربات مماثلة داخل دمشق، وتقتصر ضرباتها على مواقع عسكرية على أطراف العاصمة وفي ريفها ومناطق سورية أخرى.
وشمل القصف، وفق المرصد والإعلام الرسمي، بشكل رئيسي حي كفرسوسة في جنوب غرب دمشق، الذي يضم مقرات عسكرية واستخباراتية وأفرعاً أمنية.
وفي كفرسوسة، أفاد مراسل «فرانس برس» بوجود أضرار في مبنى سكني من نحو عشرة طوابق بعدما شمل القصف مدخله بصورة أساسية، وقد تضررت الطوابق السفلية بشكل كبير، وانهارت جدران فيها، كما تصدعت واجهة المبنى.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إن المنطقة المستهدفة تضم معهداً ثقافياً إيرانياً، إلا أن الأضرار لم تشمله، في وقت أفاد المدير العام للآثار والمتاحف في سورية نظير عوض بأن أبنية تابعة لقلعة دمشق الأثرية تضررت «بعد سقوط صاروخ نتيجة العدوان الإسرائيلي».
وأشار عوض إلى أن أضراراً كبيرة شملت أجهزة مسح حديثة وحدث «دمار واسع في المباني» التي تعد أيضاً أثرية، مؤكداً أن «هذا أكبر ضرر يشمل قلعة دمشق منذ بدء الحرب».
وطالت صواريخ إسرائيلية أيضاً، وفق المرصد، مستودعاً لمقاتلين موالين لإيران و«حزب الله» قرب دمشق.
وأدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في بيان، الضربات الإسرائيلية على دمشق ومحيطها «وضمنها بعض المباني السكنية»، والتي أدت إلى «استشهاد وإصابة عدد من المدنيين السوريين الأبرياء».
ووصف كنعاني «صمت الدول الغربية على الانتهاك المتكرر لسيادة الأراضي السورية بالمخزي»، في وقت أدانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان أيضاً الغارات الإسرائيلية.
جاء ذلك، في حين أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس بأن إيران مسؤولة عن هجوم أفادت أنباء بأن ناقلة نفط في الخليج تعرضت له الأسبوع الماضي. وأكد مدير الناقلة أمس الأول أن أضراراً طفيفة أصابتها في العاشر من فبراير جراء هجوم من جسم طائر بينما كانت تبحر في بحر العرب.
ولم يتأكد ما إذا كان الهجوم على الناقلة هو رد إيراني على القصف الذي استهدف منشأة عسكرية إيرانية في مدينة أصفهان نهاية الشهر الماضي، أفادت تقارير بأنها مسؤولة عن إنتاج قطع إلكترونية تستخدم في الصواريخ والطائرات المسيرة. وتوعدت طهران بعد الهجوم بالرد على تل أبيب.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي زار العاصمة الأوكرانية كييف قبل أيام، فيما تجري حكومة نتنياهو مراجعة لسياسة الحياد المتبعة حيال الحرب الأوكرانية منذ اندلاعها قبل عام. وكان نتنياهو ألمح بنفسه إلى أن الضربة على أصفهان استهدفت منشأة تساهم في إرسال المسيرات الإيرانية إلى موسكو لاستخدامها في قصف أوكرانيا.