في فبراير الماضي، اختارت وزارة الإعلام شعار «جنة لنا كلنا» بتصميم مخجل احتفالاً بالعيد الوطني، وفي هذا العام جاءت الوزارة بشعار «عز وفخر»، وهي مقولة مستمدة من أوبريت وطني مطلع الثمانينيات للأديب عبدالله العتيبي عندما كانت الكويت أكثر شباباً وتطلعاً. يُحسب للتصميم الجديد استيفاؤه لمعايير فنية ومهنية بمعزل عن تفاوت الأذواق في تقبله، إلا أن الخلل مستمر في المضمون لا في الشكل. مَن يخبر القائمين على الإعلام بأن زرع الولاء والانتماء الوطني لا يأتي بطرح شعارات جوفاء لا تمت للواقع بصلة؟ مَن يشاهد تلفزيوننا الرسمي ينتابه الأسى لما وصل إليه من ابتعاد عن الواقع واقترابه من الفكر «القوبلزي» الذي لا يقيم وزناً للمصداقية واحترام عقول الجماهير.
نطمح للعز والفخر، ولكن عن أي عز وفخر نتحدث ونحن آخذون بالتراجع في كل شيء عدا شعارات المجد المضخمة والمفخمة التي يغدق علينا بها إعلامنا بتقاريره وأغنياته وأوبريتاته؟ أي عز وفخر بواقعنا المرير الذي أصبح فيه الغش سيد الموقف في التعليم والعمل؟ أي عز وفخر ونحن نعيش عام «الحفر» بشوارعنا التي أضحت «دبّايات راجمة» بمجرد ارتوائها ببضع قطرات مطر في حين يزهو الآخرون بمطاراتهم وقطاراتهم؟ أي عز وفخر وحكوماتنا عاجزة عن إكمال سنة كاملة من غير حل أو استقالة منذ عام 2017 وتبشرنا بازدهار مستدام؟ أي عز وفخر ومسؤولنا الكبير لا يعرف الفرق بين خطة التنمية السعودية 2030 والكويتية 2035 بافتراض تصديقنا لوجودها؟ أي عز وفخر ونحن سنعيش اثنتي عشرة سنة إضافية إلى العام الموعود لنكتشف بعد رحيل العمر أننا كنّا نطارد خيط دخان!
ولا يعني إخفاق سلطتنا التنفيذية وفشلها الذريع بأي شكل من الأشكال انحيازنا إلى أختها التشريعية التي اختارت اللهو في فراغ المنزل وانشغال أختها بحفلات الشاي والعرس الديموقراطي ومؤتمرات اللغو، لتحذو حذو شقيقتها في تبديد الثروات والقدرات والوقت، مع الانشغال بالتمثيل المسرحي بدلاً من التمثيل النيابي، والتسابق على تعيين الأقرباء والأصدقاء في المناصب قبل زوالها، والتنافس في تقديم اقتراحات شعبوية تثير سخرية العالم تجاهنا. مجلس لا يأبه بتقهقرنا ولا بأوهام التنمية ولا بحال التعليم المخجل ولا بجرائم القتل المتكررة والمتصاعدة ولا بوضع اقتصادنا المتصدع، ولا بشوارعنا المهترئة على أنغام العوادم البشعة، ليأتينا أخيراً مجموعة من النواب ليبشرونا بانتهائهم من إعداد قانون تجريم السحر! كيف نحل مشاكلنا إذن بغيره؟