دعوني منذ بداية المقال أستهله بالتصريح بأنني وعلى المستوى الشخصي مقتنع تماما بأهمية تدشين «طريق الحرير» وأهمية تعزيز (وتنوع) العلاقات مع أصدقائنا وحلفائنا في الشرق الأقصى، لا سيما مع التنين الصيني العظيم، ولكن وإن انقطعت الأخبار والمحررات والتقارير الإخبارية الرسمية عن مشاريع وخطط «طريق الحرير» إلا أن الأعمال والدراسات من الجانب الصيني يبدو أنها مازالت قائمة.
أقول هذا الكلام أو بالأحرى أكتبه لأنه وببساطة صدرت مجموعة بحوث عن الآثار البيئية والاقتصادية وارتباطها باقتصادات الطاقة من الجانب الصيني مؤخراً، وكلها كانت تركز على المنطقة العربية، علاوة على ذلك كله، أورد أحد البحوث بشكل صريح دراسة حالة مرتبطة بالكويت بشكل رئيس، بل صرح بها بكل وضوح، وهنا وجب أن يكون لنا وقفة، فمشروع «طريق الحرير» وما يرتبط به مع اقتصادنا هنا في دولة الكويت هو في الواقع أمر حميد، بل كان يروج له في السابق وبشدة، ولكن مع توقف عدد من المشاريع (والأخبار) أصبح الشارع الكويتي تحت انطباع أن هذه الخطط المرتبطة بطريق وحزام دول الحرير ليست إلا في (خبر كان) وانتهى وكفى!!
النقطة المحورية الثابتة هنا تتلخص في الجانب الصيني تحديداً، فما زالت البحوث من الجانب الصيني تذكر أن الكويت جزء من طريق الحرير، وأن آخر الأبحاث تسميها بالاسم، فهل نحن في الكويت قد جهزنا لهذا الأمر من الناحية البيئية على الأقل؟! وهل تم عمل، وعلى اعتبار أن الكويت ما زالت جزءا من طريق الحرير، الدراسات البحثية العلمية المستفيضة من الجانب الكويتي فيما يخص الإدارة البيئية المثلى؟!
على حد علمي أن إجابة كل تلك التساؤلات هي: (لا)، وقد ركزت خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة في التبحر بكل ما تم نشره من الجانب الكويتي، وإذا ما كان هناك في الواقع دراسات تناقش دورات الحياة أو الأثر أو المردود البيئي على الكويت من جراء تدشين «طريق الحرير» فلم أجد، وعليه وجب الأخذ بالاعتبار أن مثل هذه الأعمال هي في الواقع رئيسة، بل محورية إذا ما أتى طريق الحرير كمشروع ينتهي في دولة الكويت، وأن الأرقام البيئية بدأت شيئا فشيئا تنشر، وترد إلينا من خلال الأبحاث والدراسات العلمية، خصوصاً إذا ما تم وضع مسألة ماهية الاستثمارات الصينية في الحسبان خلال الأعوام ما بين 2014 الى 2018 والتي تقدر بـ70 مليار دولار من خلال استثمارات مباشرة أو غير مباشرة للتحضير لتدشين طريق وحزام الحرير، بل في غضون السنوات الخمس القادمة ستصل قيمة الاستثمارات الصينية الى ما يفوق 800 مليار دولار لتهيئة هذا الحزام الحريري وذلك حسب دورية Acta Ecologica Sinica، وبما أن الخطط المرتبطة بهذا الطريق تم تنفيذها لا محالة فعلينا أن نكون متأهبين من الناحية البيئية ليتسنى لنا أن ندير العمليات المرتبطة بطريق الحرير بالسبل المثلى من جانبنا على الأقل.
يتضمن طريق وحزام الحرير المزمع تدشينه على دولتين في الشرق الأقصى هما منغوليا والصين، وثماني عشرة دولة في غرب آسيا بما فيها الكويت، وإيران، وتركيا، وقطر وغيرها، كما يتضمن خمس دول أخرى في وسط آسيا وعشراً في جنوبها، هذا علاوة على دول أخرى مرتبطة جغرافيا أو اقتصاديا مع المشروع.
وبعد حساب مؤشرات البيئة أفصح الجانب الصيني وتحديدا من خلال بحث نشر مؤخرا ارتبط بجامعة بكين، بأن أقل ضرر بيئي مرتبط بمشروع طريق وحزام الحرير هو في الواقع يتصل في (لاوس) بمؤشر إجمالي يقدر بـ0.0368، وأعلاها يرتبط بمملكة البحرين الشقيقة (0.2199)، وعليه كذلك وجب العلم بأن مؤشرات الكويت قد تصل الى الجانب الأعلى من المعادلة مع اعتبار واحتساب الأثر البيئي على جزيرة فيلكا والتغيرات على المسطحات المائية والبراري والتوازن الطبيعي، فهل المشاريع المزمع تدشينها مؤخرا في فيلكا جزء من طريق الحرير ونحن لا نعلم؟!
عموماً، ليس هذا المهم، بل إن الأهم هو أن نتفادى أي دمار بيئي، وكما يقال ويبدو بأن ليس كل الحقيقة تقال، ويجب أخذ الحيطة والحذر ومعرفة إدارة واتخاذ التدابير بيئيا لمثل هذه المشاريع الكبرى، فهل من مستمع أو متعظ؟!