في وقت تتجه العلاقات بين الجمهورية الإسلامية والقوى الغربية إلى مزيد من التأزيم على عدة مسارات في مقدمتها ملفات البرنامج النووي والشراكة الدفاعية مع روسيا وحقوق الإنسان، حكمت سلطات طهران، أمس، على المعارض الإيراني الألماني جمشد شارمهد، الذي أعلن عن توقيفه في أغسطس 2020، بالإعدام بعد إدانته بالتورط في اعتداء إرهابي على مسجد في العام 2008.

وأفاد موقع «ميزان أونلاين» التابع للسلطة القضائية بأن شارمهد، زعيم» مجموعة تندر» الإرهابية التي أسست عام 2002، يمكنه الاستئناف على حكم الإعدام الذي صدر من قبل محكمة ثورية بحقه. ووجهت للمواطن الإيراني الذي يحمل جنسية ألمانية ويقيم في أميركا، تهمة الفساد في الأرض.

Ad

وجاء ذلك غداة استدعاء وزارة الخارجية البريطانية، مهدي حسيني ماتين القائم بأعمال السفارة الإيرانية لديها على خلفية تعليق قناة «إيران إنترناشيونال» الإيرانية المعارضة أعمالها في لندن ونقلها إلى الولايات المتحدة، بسبب «استمرار تهديدات النظام الإيراني» للعاملين بها. وذكرت الخارجية البريطانية أن لندن قالت للقائم بأعمال السفارة الإيرانية، إنها «لن تتهاون حيال تهديد حرية الإعلام».

في هذه الأثناء، أعلن قائد قوات حرس الحدود الإيرانية الجنرال أحمد علي كودرزي، احتجاز سفينة تحمل على متنها 5 آلاف قطعة سلاح أبيض، مناجل وسيوف أميركية الصنع كانت في طريقها إلى أيدي مثيري الشغب» قبالة سواحل محافظة بوشهر المطلة على مياه الخليج.

من جانب آخر، كشفت «إيران إنترناشونال» أمس، عن وجود أزمة حادة في توريد السلع الأساسية بإيران إثر انهيار سعر صرف التومان أمام الدولار الأميركي إلى مستوى قياسي أمس الأول. وقالت القناة المعارضة، إنها حصلت على وثيقة سرية جداً يحذر فيها أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الرئيس إبراهيم رئيسي من أن شح الأعلاف الحيوانية ونفاد مخزونات وإمدادات مسحوق فول الصويا بلغ حداً حرجاً جداً وتسبب في ارتفاع جنوني لأسعار توريد اللحوم، إذ يتوقع أن يتجاوز سعر الكيلو الواحد 30 ألف تومان في الأسابيع القليلة المقبلة.

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنّ الكرة في ملعب إيران للتعامل مع التحدي المتمثل في برنامجها النووي واتهامها بتمكين العدوان الروسي في أوكرانيا.

وقال بلينكن، خلال مؤتمر مشترك مع نظيره اليوناني نيكوس ديندياس في أثينا، إن واشنطن ملتزمة مع إسرائيل بضمان عدم حصول طهران على «سلاح نووي». وتابع، غداة تقارير عن رصد الوكالة الدولية لجزيئات يورانيوم مخصبة بنسبة%84، القريبة جداً من النسبة اللازمة لصناعة الأسلحة النووية في منشآت إيران: «كان الرئيس جو بايدن واضحاً جداً أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة للقيام بذلك».

إلا أن الوزير الأميركي لفت إلى أن الباب مفتوح دائماً للمضي قدماً في الدبلوماسية، وقال: «ما زلنا نعتقد أنه فيما يتعلق بالبرنامج النووي، فإن الطريقة الأكثر فاعلية واستدامة للتعامل مع هذا التحدي هي الدبلوماسية. لكن في هذه اللحظة، فإن هذه الجهود مؤجلة لأن إيران ببساطة لا تشارك بطريقة مجدية». وأضاف «الكثير يعتمد على ما تقوله إيران وعلى ما تفعله وعلى ما إذا كانت ستشارك أم لا».

في هذه الأثناء، بدأ وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان زيارة للعاصمة العراقية بغداد، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين العراقيين، إضافة إلى قيادات سياسية مهمة. وذكرت أوساط عراقية أن عبداللهيان سيناقش خلال اجتماعاته مع المسؤولين العراقيين إمكانية إنعاش الوساطة العراقية ما بين طهران والرياض وإمكانية لعب حكومة محمد شياع السوداني، المنبثقة عن تحالف أحزاب وفصائل عراقية موالية لطهران، لدور جديد في التوسط بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة. وتزامن ذلك مع وصول رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، الذي لعب دوراً بارزاً في الوساطة بين السعوديين والإيرانيين، إلى طهران في زيارة يعتقد أنها تحمل مضامين سياسية. وسيناقش عبداللهيان أزمة الدولار التي يعاني منها العراق بسبب ما يقول مراقبون إنها قيود أميركية على تسرب العملة الصعبة من بغداد إلى طهران، والتعهدات الي قدمتها بغداد في هذا الإطار لواشنطن. وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين العائد من زيارة إلى واشنطن نفى أمس الأول وجود أي شروط سياسية أميركية لحل أزمة الدولار. كما تأتي زيارة الوزير الإيراني بعد تصعيد غير مسبوق لفصيل حزب الله العراقي ضد السعودية وتهديده بنقل المعركة إلى داخل المملكة بالتزامن مع توقيع الرياض وبغداد بروتوكولاً أمنياً لضبط الحدود هو الأول منذ 1983.