في وقت سعت إيران إلى تطمين المجتمع الدولي، عقب تقارير عن عثور مفتشين دوليين في إحدى منشآتها على يورانيوم مخصب بنسبة 85% القريبة جداً من نسبة 95% اللازمة لصنع قنبلة نووية، بإعلانها استقبال وفد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإزالة أي التباس، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه أبلغ دولاً غربية، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، استعداد تل أبيب لشنّ هجوم منفرد على إيران يستهدف قصف منشآتها النووية.
وتزامناً مع تسريبات عن عقد نتنياهو خمسة اجتماعات داخلية سرية لرفع مستوى الاستعداد لشن هجوم على منشآت نووية في إيران، وهو ما كانت «الجريدة» كشفت عنه سابقاً، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال مؤتمر أمني في تل أبيب، أمس الأول، إن «العقوبات الاقتصادية ليست كافية، والتهديد النووي الإيراني لن يتراجع إلا بعمل عسكري موثوق وذي مصداقية».
وأضاف: «تاريخياً، تم إحباط طموحات العراق وسورية النووية من القوة العسكرية الإسرائيلية»، في إشارة إلى الضربة الإسرائيلية عام 1981 ضد المفاعل النووي العراقي «تموز1» وضربة عام 2007 ضد مفاعل «الكُبر» النووي في سورية.
وتابع نتنياهو: «ليبيا تخلت عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية خوفاً من ضربة أميركية، بينما علقت طهران برنامجها النووي بعد حرب الخليج خوفاً من أن تغزو الولايات المتحدة بلادها عندما دخلت العراق. في تلك المرحلة تحول إلى برنامج سري»، مؤكداً أن «إسرائيل انتظرت أكثر مما ينبغي لتنفيذ عمل عسكري ضد إيران».
إلى ذلك، كشف مسؤول كبير لـ «الجريدة» أن خلافاً حاداً نشب بين نتنياهو ووزير العدل ياريف ليفين، على خلفية طلب الأول من الأخير وقف الإجراءات والخطوات لإقرار قانون التعديلات القضائية، الذي وضعه ليفين ولاقى معارضة حادة من المعارضة الإسرائيلية وواشنطن، وصولاً إلى الأمم المتحدة التي دعت، في تدخل نادر، إلى عدم إقراره.
وقال المسؤول، إن ليفين، الذي يعد الشخص الثاني في حزب ليكود اليميني، الذي يتزعمه نتنياهو، رفض وقف إجراءات إقرار القانون، باعتبار أن الأكثرية البرلمانية التي أقرته في قراءة أولى، قادرة على المضي به إلى النهاية، مشدداً على أن الوقت حان لتغيير النظام القضائي وجعله خاضعاً للحكومة والكنيست، لا العكس.
وكان نتنياهو اطلع أخيراً على مستندات ومعلومات تفيد بأن ليفين اتفق مع قادة الائتلاف الحكومي على المضي قدماً في إجراءات إقرار القانون، حتى إذا عارضها نتنياهو، ولو تطلب ذلك تنحية الأخير من رئاسة الحكومة، وتسلّم ليفين مقاليد الحكم بدلاً منه.
وفي عام 2016 أحبط ليفين مساعي للتوصل إلى اتفاقية سلام شاملة في الشرق الأوسط كان يعمل عليها نتنياهو والرئيس الإسرائيلي الحالي إسحق هرتسوغ، الذي كان يقود المعارضة آنذاك، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وكانت ستشمل اتفاقية مع الفلسطينيين واتفاقيات مع دول عربية عدة، بينها السعودية والإمارات ولبنان، ودول خليجية وإسلامية معارضة للتقارب مع إسرائيل.
ووفق المسؤول ذاته، فإن ليفين هدد نتنياهو بتسريب معلومات عن تفاهمات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تمت بوساطة أميركية تتعارض مع برنامج الائتلاف الحكومي وتعهدات نتنياهو للوزيرين المتطرفين ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموطرتش فيما يخص ضم أجزاء من الضفة الغربية وتغيير الوضع القائم في القدس الشرقية.
وكان نتنياهو أعلن استعداده للتوصل إلى تسوية مع المعارضة بعد سلسلة الاحتجاجات الأخيرة واطلاعه على معلومات جديدة وتقييمات أمنية واقتصادية، وكذلك المعلومات عن مساعي ليفين لتنحيته، لكن خيارات نتنياهو تبدو ضيقة، وهو ما يقوده في النهاية للخضوع لجميع مطالب الائتلاف.
ويبدو أن هذه الأجواء هي التي دفعت نتنياهو إلى التصعيد في كل الاتجاهات أمس، ففي الضفة الغربية المحتلة، اقتحمت القوات الإسرائيلية أطراف البلدة القديمة في مدينة نابلس، وحاصرت منزلاً تحصن فيه عدد من النشطاء الفلسطينيين الذين يشتبه بانتمائهم إلى «عرين الأسود» و«سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وأسفرت العملية الإسرائيلية عن قتل 10 فلسطينيين بينهم مسنان (62 و72 عاماً)، بينما أصيب نحو 100 شخص آخر بعضهم بحالات اختناق. وجاءت العملية بعد ساعات فقط من إصدار مجلس الأمن بياناً رئاسياً يدين قرار إسرائيل تشريع 9 مستوطنات في الضفة، بعد أن سحبت الإمارات بموافقة فلسطينية مشروع قرار يدين الاستيطان ويدعو إلى وقفه فوراً.
وأفادت التقارير بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تمكنت من التوصل إلى تفاهمات بين نتنياهو وعباس، تتضمن سحب القرار من مجلس الأمن مقابل تعهدات إسرائيلية بوقف الاستيطان ووقف تدمير المنازل مقابل امتيازات للفلسطينيين بينها إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية الفلسطينية.
وقال موقع «والاه» العبري، إن التفاهمات تنص كذلك على وقف الاقتحامات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية في الضفة مقابل موافقة السلطة الفلسطينية على العودة لمحادثات لإعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل. وأشادت السلطة وحركة فتح ببيان مجلس الأمن وكذلك دول ومنظمات عربية، إلا أن 9 فصائل فلسطينية نددت به.