التوثيق ونهضة الدولة
في كتابي الذي أصدرته سنة 2015 تحت عنوان: «فلسفة التوثيق- صناعة المصادر المعلوماتية» توصلت إلى توصية بأني آمل من حكومات العالم العربي تعديل الهياكل التنظيمية في كل وزارة ومنشأة ومؤسسة حكومية، بأن يضاف قسم متخصص في الدراسات التوثيقية المتعلقة بنشاط كل وزارة على حدة.
بمعنى أن يكون لكل وزارة قسم خاص مهمته جمع كل المعلومات المتعلقة بنشاط الوزارة منذ نشأتها، لتسهيل عملية البحث العلمي كي تنعكس فائدته على جميع مراكز البحوث والجامعات والأكاديميات، وليسفر عنه تطور بحوثنا وأفكارنا التي تعكس تطور الدولة والمجتمع بشكل عام، ومنها إلى الحضارة التي نحلم بها في دول العالم الإسلامي، والتي لا تسير مع الركب الحضاري والدولي.
نحن نحلم نعم ومن حقنا أن نتمنى ونحلم حيث ننشد التطور ونكره التخلف، ذلك الذي يبين أهمية التوثيق والحفاظ على المعلومات التي تطور مناحي الحياة كافة، فعلى سبيل المثال عندنا في الكويت العديد من المعلومات الضائعة التي لا تجد لها مصادر حافظت على المعلومات الخاصة فيها، وأتذكر منها أن دائرة الأوقاف العامة قديما أنشأت معهداً تحت اسم (معهد الإمامة والخطابة) فلا تجد معلومات كافية لهذا المعهد الذي استفاد منه كم كبير من الأئمة في الستينيات من القرن العشرين، وغيرها الكثير الذي ضاع في ذاكرة النسيان.
لذلك كان من الأهمية وجود أقسام ترعى عملية توثيق المعلومات داخل كل وزارة، فالمعلومات هي وقود الأبحاث والدراسات، لذلك نجد دول العالم الأول تجمع وتحافظ وتكتب كل شيء في المجالات كافة التي من خلالها يتم إنعاش عملية البحث العلمي التي تسعى في طبيعتها إلى أمرين هما: أن تأتي هذه البحوث لحل مشكلات معاصرة يعيشها المجتمع اليوم، والثاني أن تأتي لتطوير مجال معين يعود نفعه على الدولة والمجتمع.
وكلا الأمرين يحتاج إلى كم كبير من المعلومات المحققة التي لا سبيل لتوفيرها إلا بالتوثيق، فتقوم بصناعة المصادر المعلوماتية التي تقوم بخدمة العلم والبحث العلمي، لذلك يجب على الحكومات الاهتمام بالتوثيق بإنشاء أقسام متخصصة لإنجاز هذه المهمة.