نقطة : إنتوا عايشين معانا؟!
يبرر البعض ويقنعون أنفسهم بأن انعدام التجاوب مع مطالباتهم وتمنياتهم رغم كثرة تشكيهم وتذمرهم يرجع لعدم وصول أصواتهم للمسؤولين وأصحاب القرار، ومثلهم من يدعون بتهيئة البطانة الصالحة ويرجون تقريبها، وأمثال هـؤلاء يشعرونك أحياناً وكأننا نعيش في العصر العباسي أو بدايات حكم المماليك، أي توصل وأي بطانة وأي صالحة أصلحنا وأصلحكم الله، فإن كان مثل هذا الكلام ينفع قبل مئات السنين في البلاد المترامية الأطراف مع انعدام وسائل التواصل التكنولوجية والصحافة والإعلام، فإنه لا يصلح في هذا الزمن السريع الذي قرب البعيد وصغر الكبير، فما بالكم في دولة صغيرة أصلاً ومحدودة وسهلة، وكل واحد من المسؤولين فيها يقرأ الصحف ويملك هاتفاً جوالاً ينقل له الأخبار والإشاعات والحلول في أحيان كثيرة أفضل من كل البطانات والحواشي والجواري، والأهم من كل ذلك أن المسؤولين يعيشون بيننا ومعنا كما يفترض، فيسيرون في ذات الشوارع المصابة بجدري المطر ومن فوقها الازدحامات المرورية المزمنة وصراعات الوحوش الحديدية من أجل مئة فلس، ويطوفون بجانب المزروعات المهملة بلا رعاية واهتمام وبقربها عمال النظافة يكنسون الأرض بجذوع النخيل، ويمرون بالتأكيد عند خروجهم من اجتماعات مجلس الوزراء بجانب مشروع القرية التراثية الفاشل والمتوقف منذ 15 سنة مثلما مروا بجانب سوق شرق الناجح، ويشاهدون فساد البلدية الذي انتقل من ظهور البعارين إلى أسطح المنازل السكنية الاستثمارية الأعلى من المآذن، وهذا فقط ما نراه نحن في الشارع، ونتوقع أن المسؤولين يعيشون معنا و»يشوفونه» ولا يحتاجون لتقارير ولجان ومراجع سري وملفات وبطانة، فيا تعدلون واقعنا يا تاخذونا نعيش معاكم.