وسط حالة الجمود التي تحاصر الاستحقاقات السياسية في لبنان، وأبرزها انتخاب رئيس للجمهورية، تحول عمل القضاء إلى انعكاس للصراع السياسي.
ومع إعلان عدة قوى سياسية بينها حزب الله أنه لن يجري التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد انتهاء ولايته، ادعى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش على سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك بجرائم غسل أموال واختلاس أموال عامة وتهرب ضريبي وتزوير وإثراء غير مشروع.
يأتي هذا في وقت استأنفت القاضية غادة عون إجراءاتها بحق المصارف بتهمة تبييض الأموال، متجاهلة الكتاب الذي وجهه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وزير الداخلية والأجهزة الأمنية بضرورة عدم الامتثال للقرارات التي تتخذها عون بحق المصارف.
ولاقت خطوة ميقاتي اعتراضاً من قوى سياسية في مقدمها «التيار الوطني الحرّ» بزعامة جبران باسيل الذي اتهم ميقاتي بأنه يعرقل التحقيقات لعدم الكشف عن ملفات تدينه.
وانتقد «نادي قضاة لبنان» قرار ميقاتي، وقال في بيان، إن «رئيس الحكومة ووزير الداخلية آثرا أن يذكّرا الشعب اللبناني اليوم بأنهما وسائر الطبقة السياسية في البلاد يعيشون في زمن القرون الوسطى حيث لا قانون ولا شريعة تعلو على إرادة الأسياد»، واصفاً ما جرى بأنه «تدخّل سافر وخطيئة كبرى وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء».
وكان ميقاتي لخص ما يجري قضائياً، بأنه صراع على البلد ووراثته، لأن هناك من يعتبر بأنه لا بد من تركه ينهار نهائياً بكل قطاعاته ومقوماته لإعادة تركيبه من جديد وللاستحواذ على حصص فيه.
هذا الكلام، يشكل تخوفاً لدى الكثير من الكتل النيابية التي تتهم السلطة السياسية بأنها تسعى إلى إفلاس البلاد للاستحواذ على أملاك الدولة وبيعها. جزء من هذا الصراع يتوسع أيضاً لينعكس داخل جمعية المصارف التي أصبحت منقسمة على نفسها، فيما لوح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بتقديم دعوى قضائية ضد الجمعية بسبب تضليلها للمجلس النيابي.
وفي تطور قضائي آخر، أصدرت محكمة العدل العليا البريطانية أمس، حكماً في قضية تفجير مرفأ بيروت في ٤ أغسطس٢٠٢٠، لمصلحة ضحايا الانفجار ضد شركة سافارو الإنكليزية. ويعد هذا الحكم أول قرار قضائي يسمّي أحد المسؤولين عن الفاجعة، وهو ما يشكّل أول واقعة ثابتة قضائياً، مما يفتح الباب واسعاً على ملاحقة المسؤولين الآخرين، خصوصاً أن المحاكمة أدّت إلى الكشف عن مستندات ووقائع قد تفيد ملف انفجار المرفأ، مما يمهّد لإجراءات أخرى داخلياً وخارجياً.