في وقت تعيش فرنسا أسوأ مرحلة في علاقتها بمستعمراتها السابقة في القارة الافريقية، بعد تزعزع علاقتها مع عدد من دولها وطرد سفرائها من أخرى، وإنهاء الاتفاقيات العسكرية مع مجموعة ثالثة، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإجراء جولة على عدد من دول وسط إفريقيا في محاولة لوقف نزيف النفوذ الفرنسي والحفاظ على ما تبقى لباريس من حضور في القارة السمراء، وسط تنافس بينها وبين الصين وروسيا.
وسيزور ماكرون، الذي يرغب في تكثيف العلاقات مع البلدان الناطقة باللغة الإنكليزية والبلدان الناطقة بالبرتغالية في القارة، من الأول حتى الخامس من مارس أربع دول في وسط إفريقيا هي الغابون وأنغولا والكونغو والكونغو الديموقراطية.
وكان ماكرون الذي يريد أن يجعل إفريقيا إحدى أولويات ولايته الثانية التي تبلغ خمس سنوات، أجرى جولة شملت الكاميرون وبنين وغينيا بيساو. وزار وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان ليكورنو ساحل العاج في وقت سابق من هذا الأسبوع، للمرة الثانية في أقل من عام، لمناقشة شروط الوجود العسكري الفرنسي في المنطقة.
والأحد الماضي، أعلنت هيئة أركان جيش بوركينا فاسو إنهاء عمليات قوة «سابر» الفرنسية في البلاد، بعد ثلاثة أسابيع من تنديد الحكومة الانتقالية باتفاقات الدفاع التي تربط البلدين، وتم بعدها إنزال العلم الفرنسي للمرة الأخيرة في معسكر بيلا زاغري في بوركينا فاسو، في إعلان عن نهاية 13 عاماً من وجود القوات الفرنسية في الدولة الواقعة غرب إفريقيا.
وبينما تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر فيها قوات مسلحة روسية في بوركينا فاسو لم تؤكد «مجموعة فاغنر» العسكرية الروسية التي يقودها يفغيني بريغوجين وجودها في هذا البلد، كما نفى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أي «وجود مفترض لمدربين من شركة مسجلة روسية خاصة في بوركينا فاسو».
وكان رئيس العسكريين الحاكمين في بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري مطلع الشهر الحالي نفى كذلك وجود مرتزقة فاغنر في بلاده لضمان الأمن في بعض المناطق.
الا أن واغادوغو تذكر باستمرار نيتها تعزيز شراكتها مع روسيا كما فعلت جارتها مالي، كما أكد بوغدانوف بدوره تصميم موسكو على «تطوير التعاون المتعدد الأوجه مع بوركينا فاسو وقادتها»،.
وذكرت صحيفة «بوليتيكو» أنّ «أسباب تراجع نفوذ فرنسا في منطقة الساحل متعددة الأوجه، متجذرة في تاريخها الاستعماري من جهة، ومن جهة أخرى هي أيضاً نتيجة طموحات روسيا لتوسيع موطئ قدمها في القارة»، مشيرة الى محاولات فرنسية لإحداث تغيير جذري في علاقاتها مع الدول الإفريقية.
وأشارت الى أنه عبر «فاغنر»، «تشن روسيا حرب معلومات متطورة ومنسقة، ضد دور فرنسا في إفريقيا، ما جعل الأخيرة تقوم بخطوات رداً على ذلك».
ونقلت «بوليتيكو» عن مسؤول حكومي فرنسي قوله: «لم نبن ما يكفي من القوة الناعمة، يجب أن يكون سفراؤنا أكثر هجوماً عندما يتعلق الأمر بطرح الروايات المضادة، بدلاً من التواصل فقط داخل الأطر المؤسسية».
وفي إطار الخطوات الفرنسية رداً على «الدعاية السياسية التي تقوم بها موسكو ضد دورها في إفريقيا»، وفق «بوليتيكو»، فإن «وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أنشأت وحدة جديدة لاكتشاف العلامات المبكرة لحملات التضليل وتزويد المسؤولين الفرنسيين في جميع أنحاء العالم بمكتب خلفي للمساعدة في الاستجابة لعمليات الأخبار المزيفة»، وفقاً لدبلوماسي فرنسي مطلع على العمليات.