اختلطت في أنفسنا مشاعر الحزن والتعب والعزة والفخر ونحن نؤدي عملنا الإنساني في عملية البحث والإنقاذ في أول مهمة لنا كفريق كويتي خارج البلاد، عندما صدرت إلينا الأوامر السامية لسمو أمير البلاد بالتوجه بشكل عاجل إلى تركيا الصديقة للمساهمة في عمليات البحث والإنقاذ على خلفية الزلزال المدمر الذي ضرب بعض المناطق هناك قبل أسبوعين.
بهذه الكلمات روى لـ «الجريدة» عضوان في فريق البحث والإنقاذ بإدارة المهام الخاصة التابعة لقوة الإطفاء العام، الذين لبّوا جميعاً نداء الواجب والإنسانية، وتوجهوا إلى المناطق المتضررة من الزلزال في تركيا بغضون ساعات، جهزوا خلالها كل ما يحتاجونه لإنجاز هذا العمل الإنساني البحت، وتوجهوا على متن طائرتين تابعتين للقوة الجوية الكويتية، وباشروا أعمالهم على مدى 12 يوماً متواصلة.
البداية كانت مع المقدم أحمد الرويح ضابط فريق البحث والإنقاذ بقوة الإطفاء العام، الذي قال لـ«الجريدة» إن مهمة الفريق بدأت منذ اللحظات الأولى لإعلان وسائل الإعلام العالمية والمحلية عن الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسورية، مشيراً إلى ان الأوامر الأولى صدرت من رئيس قوة الإطفاء العام الفريق خالد المكراد بحجز تام لعموم قوة فريق البحث والإنقاذ والتواجد الفوري والسريع في المركز وانتظار الأوامر. وأضاف الرويح أنه بعد حضور جميع ضباط وأفراد فريق البحث والإنقاذ تم الطلب منهم وبشكل فوري وسريع تجهيز معدات وآليات الفريق لتنفيذ مهمة عاجلة في إغاثة منكوبي الزلزال في الأراضي التركية، لافتاً إلى أنه في غضون ساعات تم تجهيز جميع الآليات والمعدات، وتحديد أفراد الفريق المغادرين إلى الأراضي التركية وكان عددهم 45 عنصراً بالإضافة إلى طاقم طبي من وزارة الصحة وطاقم إعلامي من وزارة الإعلام.
وذكر أنه في صبيحة اليوم التالي كان الفريق موجوداً في قاعدة عبدالله مبارك الجوية استعداداً للانطلاق إلى الأراضي التركية على متن طائرتين تابعتين للقوة الجوية الكويتية، مشيراً إلى أن المعدات الفنية تمثلت في آلية الإنقاذ وآلية مخصصة لنقل المعدات و4 آليات للتدخل السريع، إضافة إلى الأطقم الفنية من فريق البحث والمتابعة.
ولفت إلى أن فريق البحث والإنقاذ الكويتي أذهل فرقاً عالمية كانت موجودة لتقديم المساعدة نظراً إلى ما يمتلكه الفريق من معدات خاصة بالبحث عن الأشخاص تحت الأنقاض ومعدات أخرى خاصة في رفع الأنقاض والتعامل مع الانهيارات الشديدة.
وذكر أن الروح المعنوية العالية لأعضاء فريق البحث والإنقاذ الكويتي كانت السمة الأبرز التي ميزت بين العديد من الجهات الحكومية التركية وفرق متخصصة عالمية كونه الفريق الوحيد الذي يعمل على مدار الساعة بحثاً عن ناجين وانتشال أشخاص توفاهم الله بالإضافة إلى تأمين المواقع المتضررة من الانهيارات وتقديم المساعدة للنازحين الناجين من أضرار الزلزال والذين كانوا يعسكرون بالقرب من الفريق الكويتي ويعملون على مساعدتهم بشكل لافت.
بدوره، روى الرائد صقر الباذر لـ»الجريدة»، الجانب الإنساني والمحزن الذي عاشه أعضاء فريق البحث والإنقاذ الكويتي خلال مشاركتهم الفعالة في عمليات البحث والإنقاذ في المواقع المتضررة، مشيراً إلى أنه بينما كانت مشاعر العزة والفخر تملأ صدور أعضاء الفريق كونها أول مهمة إنسانية خارجية يكلفون بها، فإن مناظر الدمار وتوسلات الأهالي بإنقاذ ذويهم وأولادهم أو جيرانهم كانت تصيب أعضاء الفريق بحالة من الحزن الشديد نظراً إلى ما تعاملوا معه من مواقف إنسانية مأساوية.
وأضاف الباذر أن الفريق الكويتي كان يعمل بواقع 3 فرق على مدار الساعة بحيث يتم تقسيم العمل دورياً بين أعضائه، الذين كانوا وبكل ما تحمله الكلمة من معنى لا يأبهون بالتعب والإرهاق ويسعدون بإنقاذ إنسان، وكانت هناك مواقف قاسية جداً مثل انتشال الجثث رغم أن الأهالي كانوا يريدون معرفة مصير ذويهم سواء كانوا أحياء أو أمواتاً.
وأوضح أن الفزعة الكويتية من خلال وجود فريق البحث والإنقاذ والمساعدات الحكومية والأهلية التي كانت تصل إلى المناطق المنكوبة، تدعو للفخر وكانت الباعث الرئيسي لأفراد قوة البحث والإنقاذ بالعمل دون كلل أو ملل علاوة على الكلمات التي كانت تصلهم من الأهالي وتحمل بمعناها الكثير عندما يشاهدون العلم الكويتي ويرددون «شكراً كويت».
دموع الأبطال... عزيزة
أجهش بعض أفراد فريق البحث والإنقاذ الكويتي بالبكاء عندما تذكروا بعض الحالات الإنسانية التي تعاملوا معها في المناطق المنكوبة قائلين: إن ما شاهدناه سيظل خالداً في ذاكرتنا ما حيينا لأن من أصعب المواقف أن تأتيك طفلة تبحث عن ذويها وامرأة مسنة تبحث عن أفراد عائلتها وأب مكلوم يرفع معك الركام بيديه ليستخرج جثث زوجته وأبنائه ولا تسمع منه سوى الدعاء وتشاهده يبكي بصمت.
أسبوعان إجازة لفريق الإنقاذ من الخالد |
منح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وزير الدفاع بالإنابة الشيخ طلال الخالد أعضاء فريق البحث والإنقاذ الذين شاركوا في مهمة تركيا إجازة لمدة أسبوعين، بعد عودتهم إلى البلاد، كمكافأة لما بذلوه من مجهود كبير وجبار في عمليات البحث والإنقاذ. |