في بادرة ذات دلالة رمزية عميقة وبعد 32 عاماً على تحرير البلاد أعادت شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية إصدار رغيف خبز 1990 الذي يُعد رمزاً للمقاومة الكويتية المدنية خلال فترة الغزو العراقي الغاشم.
وبدأت قصة هذا الخبز في ظل الاحداث المتلاحقة في اذهان الكويتيين ونكهة خاصة لأيام صعبة اجتازها الشعب الكويتي أثناء الغزو العراقي الغاشم حيث انتجت «المطاحن» بسواعد وطنية متطوعة رغيفاً من الخبز يتميز بإضافة النخالة للطحين وطحن القمح الكامل لمواجهة النقص.
وكانت ربطة كيس الخبز بمثابة الأمل لكل من وقف في الطوابير الطويلة ولساعات عديدة أمام الجمعيات التعاونية وأكشاك بيع الخبز تحدياً لظروف قاسية لم يستسلم تحت ضغطها المواطنون والمواطنات.
وجاء الحل لمواجهة النقص في المواد والأيدي العاملة عبر الاستعانة بمجموعات من المتطوعين الكويتيين في توفير رغيف الخبز بالرغم من تعرضهم لكافة أنواع الضغوط وتعريض حياتهم للخطر.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية مطلق الزايد لـ «كونا» اليوم الأحد أن كيس خبز 1990 يعود اليوم للواجهة ليكون شاهداً لملحمة أسطورية سطرها الشعب الكويتي عبر «رغيف الصمود» وتعريف الأجيال الحالية بهذه الملحمة واستذكاراً لطعم الخبز الكويتي الذي انتجته سواعد أبطال سنة 1990 لتؤكد أن للوطن رجالاً يحافظون عليه.
وأضاف الزايد أن الشركة ممثلة في مخابزها الآلية قامت بدور كبير في تأمين رغيف الخبز للمواطنين والمقيمين والتخفيف عن معاناتهم اليومية خلال الفترة العصيبة رغم الأضرار والمخاطر التي تعرضت لها الكويت خلال تلك المحنة التي امتدت أذرعها إلى مصانع الشركة.
وقال إن جميع المخابز الآلية عملت في الأسابيع الأولى خلال تلك المحنة بكامل طاقتها وبمعدل 24 ساعة يومياً لمدة سبعة أيام دون إعطاء الفرصة لأية صيانة حيث كان الطلب على الخبز كبيراً على مدار الساعة.
وأشار إلى تناقص العمالة منذ اليوم الأول للغزو لاسيما العمالة الفنية المسؤولة عن صيانة خطوط الإنتاج اليومية فتم تجميع ما تبقى من عمالة في مجموعة واحدة للطوارئ لتلبي طلبات المخابز الثمانية المنتشرة في البلاد، مبيناً أن ذلك كان تحدياً كبيراً أظهر المعدن الحقيقي للكويتيين.
وذكر أن تكاتف المواطنين في الأيام الأولى للغزو لتشغيل مخبز كيفان أظهر تحمل الشباب الكويتي المسؤولية والتطوع لإدارة هذا المرفق الحيوي واستمر صمود المتطوعين وإصلاح الاضرار التي لحقت بمخبز كيفان وإعادة تشغيله.
وأوضح أن المتطوعين الكويتيين نجحوا بتوزيع أكياس الطحين على المواطنين والجمعيات التعاونية منذ الأسبوع الأول للغزو وتوصيل الخبز للمنازل على المحتاجين من المستهلكين والفئات غير القادرة على التوجه للمخابز.
وأشاد بالدور البطولي والكبير الذي قام به المتطوعون في توفير الخبز للجمهور عبر اللجان التي تكونت في مناطق الكويت المختلفة للكويت وتنظيم طوابير المستهلكين لمنع التزاحم وبيع الخبز بعد أن تناقص عدد البائعين بالأكشاك ونقل الخبز من خطوط الإنتاج والعمل على مدار الساعة في تعبئة الخبز والتدريب على أعمال الإنتاج المختلفة لتعويض العمالة التي فقدت.
وبيّن أن المتطوعين سجلوا صفحة ناصعة البياض ستظل أبد الدهر في ذاكرة التاريخ شاهدة على تباري جميع فئات الشعب الكويتي في الصمود وارسال رسائل الحماس والشعور بأن لا شيء يساوي تراب الوطن.
وذكر الزايد أنه تم تدمير أهم مرافق الشركة وهو أجهزة سحب الحبوب من السفن الذي كان يعد من أحدث الأجهزة في هذا المجال إذ يقوم بشفط الحبوب من السفن المخصصة لنقل الحبوب وإرسالها إلى الصوامع بسرعة قياسية إلا أن إرادة الشباب الكويتي كانت أسرع من أي شي في تلك الفترة العصيبة ووجهت رسالة للعالم بأسره في معنى الصمود.
وأفاد أن إنتاج المخابز الآلية بدأ بعد التحرير يعود تدريجياً إلى طبيعته حيث أصبحت المخابز الوطنية تلبي حاجة جميع المستهلكين وبدون تقنين واستمر الطلب على الخبز مع الزيادة المتنامية للسكان وعودة أهل الكويت إليها ووصول العمالة العربية والأجنبية.
وأكد أن إعادة انتاج خبز خلطة 1990 جاء استذكاراً للدور البطولي لمسؤولي الشركة وكافة العاملين والمتطوعين والشهداء الذين وقفوا جنباً إلى جنب وسطروا ملاحم تُكتب بماء الذهب بأن الشعب الكويتي كان وما زال قادراً على رفع راية الوطن في كل وقت كما أكدو أهمية دور شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية التي ستظل دائما الملاذ الآمن وقت الازمات باعتبارها كياناً وصرحاً وطنياً فعّالاً.