عندما تمر الأوطان بمنعطف تاريخي يضع مصيرها على المحك، فإن العوامل الجيوبوليتيكية ربما تؤدي دوراً مهماً في عبور المحن، لكن الكويت وأهلها كان لهم رأي آخر بصنع ملحمتهم المدونة بالدموع والدماء والإيمان بوطنهم العصي على الانكسار وإيمانهم الذي لايتزحزح بالانتصار وتحرير بلادهم من الغزو العراقي الغاشم في 26 فبراير 1991.

فمع وقوع الغزو العراقي الغاشم صبيحة الثاني من أغسطس 1990 تنادى أهل الكويت بكل مشاربهم إلى إعلاء صوت الحق والشرعية وأن العدوان مهما تجبر فإنه إلى زوال واجتمعت كلمتهم على التمسك بوطنهم وقيادتهم تحت راية آل الصباح الكرام محققين إجماعاً دولياً نادراً ومنقطع النظير على رفض الغزو والتمسك بعودة الشرعية إليها وفق ميثاق الأمم المتحدة.

Ad

وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناء على رغبة العديد من الدول في الثالث من أغسطس عام 1990 وفي نهايتها صدر القرار رقم 660 الذي دان الغزو العراقي الغاشم للكويت داعياً إلى انسحاب العراق فوراً دون قيد أو شرط من الأراضي الكويتية وعودة الشرعية إلى أهلها.

إعادة السيادة

وإذ وافق مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة بعد تعديله وإضافة بعض البنود عليه فقد أصدر المجلس قراره رقم 661 في السادس من أغسطس وهو الثاني بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت وأكد تصميم المجلس على إنهاء احتلال الكويت وإعادة سيادتها وسلامتها.

واستدعت التطورات فتح الباب أمام الدول المحبة للسلام لإرسال قوات إلى المنطقة وعلى الفور جرت اتصالات بين مختلف العواصم العالمية لحشد تحالف دولي خصوصا بعدما أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً ثالثاً بشأن احتلال الكويت هو القرار 662 الذي أكدت فيه الأمم المتحدة رفضها القاطع لقرار العراق بضم الكويت واعتبرته باطلاً وملغى وطالب القرار جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة بعدم الاعتراف بذلك الضم.

قوات عربية ودولية

كما بدأت طلائع قوات عربية ودولية في الوصول إلى الأراضي السعودية لتشكل في المجمل التحالف الدولي لتحرير الكويت في حين أصدر مجلس الأمن الدولي قراره الرابع الخاص بالغزو العراقي وحمل الرقم 664 وجدد تأكيده بطلان ضم الكويت إلى العراق.

ومالبث أن أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 674 ضد العراق واتفقت الدول الخمس الكبرى على صيغة مشروع قرار يسمح باستخدام القوة العسكرية ضد العراق إذا لم ينسحب من الكويت.

كما أصدر المجلس قراره رقم 678 الذي يبيح كل الوسائل الضرورية لضمان الالتزام بالقرارات السابقة وإعطاء العراق مهلة حتى 15 يناير 1991 ليسحب قواته من الكويت وإلا واجه خطر الحرب مع قوات التحالف الدولي المحتشدة ضده.

وعقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 678 الذي يقضي باستخدام القوة العسكرية ضد العراق تسارعت وتيرة الأحداث وفي فجر السابع عشر من يناير 1991 بدأت قوات التحالف هجومها الكبير على مواقع عسكرية واستراتيجية عراقية في الكويت والعراق تمهيداً لتحرير الكويت.

60 قاعدة عسكرية

وشمل ذلك هجوماً جوياً على المنشآت والقواعد العسكرية العراقية ومراكز القيادة والسيطرة والمرافق العامة والجسور ومحطات المياه والكهرباء فضلاً عن 60 قاعدة عسكرية.

وفي 24 فبراير1991 بدأت قوات التحالف الدولي هجومها البري على القوات العراقية في الكويت وقامت القوات المؤلفة من 30 دولة معززة بأحدث الآليات بمهاجمة القوات العراقية وتدميرها في الأراضي الكويتية وسرعان ما انهار الجيش العراقي تحت وطأة ضربات القوات الدولية باتجاه مدينة الكويت التي عادت إلى أهلها حرة أبية بعد حوالي سبعة أشهر عجاف من الاحتلال.