رياح وأوتاد: هل يدفع المال العام أخطاء فراش البلدية أم الوزراء أم كبار الموظفين؟
قبل سنوات رفضت وزارة الكهرباء توصيل الكهرباء لأحد المنازل لأنه مخالف للائحة البناء، فلجأ صاحب المنزل الى القضاء الذي أمر بتوصيل الكهرباء رغم المخالفة لأن صاحب المنزل قدم ما يفيد أن أحد مراقبي البلدية رخّص له البناء خلال فترة التشطيب، ووضع توقيعه على أن البناء خالٍ من المخالفات،
وبمتابعة هذا الموضوع وأمثاله تبين لي عندما كنت وزير الدولة لشؤون البلدية أن كثيراً من المخالفات يتم إسباغ المشروعية عليها بسبب أخطاء أو تواطؤ الموظفين وموافقتهم على المخالفات، فقمت بإعداد اقتراح بقانون في مجلس 2016 وسلمته إلى الأخت جنان بوشهري التي كانت مستشارة في لجنة المرافق بالمجلس فأقرته اللجنة وأقره المجلس، وصدر برقم 33 لسنة 2016 بشأن البلدية، وينص على «أي ترخيص صادر بالمخالفة للقوانين واللوائح يعتبر باطلاً ويلغى ما يترتب عليه من آثار، ويساءل تأديبياً من قام بإصداره مع عدم الإخلال في مساءلته مدنياً وجنائيا»، وبحمد الله حافظ هذا القانون على المال العام بإلغاء بعض توقيعات الوزراء بلا مانع والقرارات المخالفة مهما كانت منزلة ومكانة من أصدرها، فشكراً للأخت جنان ولذلك المجلس.
واليوم يتبين أن هذا الأسلوب من التحايل على القانون يتكرر في أكثر من جهة في الدولة، فتتم الموافقة على مشاريع ضخمة مخالفة للقانون بناء على أخطاء أو تواطؤ موظفين، وعندما يتم اكتشافها يكون لا سبيل إلى إلغائها وقد يصل الأمر إلى تعويض أصحابها.
وعندما يتم اكتشاف هذه الأخطاء والتجاوز على القوانين واللوائح وتقع الكارثة يحاول كل طرف إلقاء اللوم على الآخرين وإبعاد المسؤولية عن نفسه، ففي فضيحة نقل عشرات الموظفين إلى هيئة البيئة وغيرها تحاول بعض وسائل التواصل إلقاء اللوم على د.عصام الربيعان رئيس ديوان الخدمة المدنية، وهو المعروف بالكفاءة والأمانه بقصد إبعاد اللوم عن مجلس الخدمة المدنية المكون من سبعة وزراء رغم أنهم، أي الوزراء، هم الذين يضعون القواعد والأنظمة الخاصة بالنقل والاستثناء، وقد يخضع بعضهم لضغوط النواب الذين يشتركون في هذا الفساد.
واليوم أيضاً يدور الحديث عن سوق شرق، وكل طرف يحاول إلقاء مسؤولية الأخطاء على الطرف الآخر، وهذا ظاهر في الاتهامات التي تتقاذفها الجهات الحكومية والأهلية في وسائل الإعلام.
فإذا كان هذا السوق هو أحد مشاريع
الـBOT فهل تمت إحالته إلى هيئة الشراكة؟ أو أنه قد تم تجديد عقده دون إحالته إلى هذه الجهة المختصة؟ ومن الذي وقع على عقد التجديد من غير الجهة المختصة؟ وإذا لم يتم توقيعه أو تجديده حتى الآن، فكيف تم تحصيل الإيجار إلى سنة 2024؟ ومن الذي قام بتحصيل الإيجار قبل توقيع العقد؟ وهل سيحكم القضاء بتجديد العقد أم بانتهائه؟
كل هذه الأسئلة ستتم الإجابات عنها بعد أسابيع أو شهور، ولكن إلى ذلك الحين كم ستخسر الدولة من جراء هذه الفوضى وهذا التعطيل؟ فهذه الأحداث تثبت أننا في حاجة إلى قانون عام جديد يشمل كل الوزارات والجهات الحكومية (إسوة بالقانون الذي تم إقراره للبلدية) بعدم الاعتداد أمام القضاء بأي توقيع أو إجراء يخالف القانون أو المراسيم أو قرارات مجلس الوزراء مهما كان مستوى من قام بها، وزيراً كان أو موظفاً، وبذلك لا يتحمل المال العام نتيجة أخطاء الموظفين.
وبالفعل قام النائبان حمد العبيد ومبارك الطشة بتقديم هذا القانون منذ شهور، والمطلوب من المجلس إعطاؤه صفة الاستعجال وإقراره فور تشكيل الحكومة، وقبل أي قانون آخر حفظاً للمال العام وأملاك الدولة من أخطاء أو تواطؤ الموظفين والمسؤولين سواء كانوا كباراً أو صغاراً.