رغم تدهور العملة الإيرانية بوتيرة سريعة وحادة، حتى بات الإيرانيون يتندرون بأن التومان يأبى خسارة السباق إلى الانهيار مع الليرة اللبنانية، يبدو أن إيران، بعد تلقيها رسالة أميركية جديدة للتهدئة، لا تزال مترددة في تقديم التنازلات المطلوبة للعودة إلى الاتفاق النووي.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أعلن أنه تلقى رسالة من واشنطن عبر وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين الذي استقبله في بغداد نهاية الأسبوع الماضي وكان قادماً لتوه من واشنطن.
وكشف مصدر رافق الوزير الإيراني في زيارته إلى بغداد، لـ «الجريدة»، مضمون الرسالة الأميركية التي تشمل 6 بنود، والرد الإيراني عليها الذي يمكن اعتباره سلبياً بالمجمل.
وقال المصدر إن البند الأول من الرسالة تضمن استعداد الولايات المتحدة للعودة إلى الاتفاق وفقاً لمسودته التي تم التوصل إليها في فيينا خلال مارس الماضي، شرط أن تبدأ إيران على الفور تنفيذ تعهداتها من دون قيد أو شرط.
وبحسب المصدر، أبدى الجانب الإيراني استعداده لتنفيذ تعهداته مطالباً الطرف المقابل بالمثل، إلا أن عبداللهيان طلب كذلك إقفال ملف الخلافات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل توقيع أي اتفاق جديد. وسيكون هذا الأمر تحت المراقبة عندما يزور المدير العام للوكالة رافائيل غروسي طهران لبحث الخلافات بين الجانبين بما في ذلك المعلومات عن العثور في منشآت إيرانية على جزئيات يورانيوم مخصبة بدرجة نقاء 85% القريبة جداً من النسبة المطلوبة لتصنيع قنبلة نووية (90%).
وأضاف أن البند الثاني من الرسالة يشير إلى أن واشنطن قدمت بادرة حسن نية عبر سماحها للعراق في الأيام القليلة الماضية بأن يفرج عن بعض ديونه لطهران، لكن يجب ألا يتصور الإيرانيون أن يد الولايات المتحدة مكبلة وهي ما زال بإمكانها إقفال جميع المنافذ المالية التي تستطيع طهران الحصول على مداخيل منها، في حال استمرت طهران في سلوكها السلبي.
وذكر أن البند الثالث من الرسالة يشدد على ضرورة أن تقوم إيران بحل خلافاتها مع دول الخليج العربية بالتزامن مع إعادة العمل بالاتفاق النووي، وهنا تقرر أن يستأنف الوسيط العراقي التنسيق للتحضير لعقد جولة سادسة من الحوار بين إيران والسعودية.
وتطرقت الرسالة في بندها الرابع إلى قضية تبادل السجناء التي تتوسط فيها قطر وعُمان، وطالبت من طهران تنفيذ اتفاقية جنيف الأمنية بين الجانبين لتبادل السجناء، مشددة على أن أي صفقة تبادل يجب ألا يتم ربطها بأي شكل بالإفراج عن أي أرصدة مالية إيرانية مجمدة.
وأشار المصدر إلى أن الجانب الإيراني أبدى إيجابية لإنهاء هذا الملف، وأن هذا البند لا يشكل أي عائق في حال سارت الأمور الأخرى بشكل إيجابي.
وأوضح أن الرسالة طالبت في بندها الخامس طهران بالجلوس على طاولة المفاوضات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لحل باقي الخلافات غير النووية بما في ذلك أنشطتها في الإقليم، إلا أن الوزير الإيراني اشترط أن تثبت الولايات المتحدة حسن نيتها أولاً وتبدأ تنفيذ الاتفاق قبل الحوار حول أي ملفات خلافية أخرى.
وأضاف أن الرسالة تضمنت في بندها الأخير تحذيرات أميركية لإيران من مغبة استمرار تعاونها العسكري مع روسيا في أوكرانيا ومن تطوير تعاونها العسكري مع الصين بطريقة تشكل خطراً على المصالح الأميركية، ومن إقحام نفسها في لعبة القوى الكبرى.
وكان رد الوزير الإيراني بأن سياسة بلاده الخارجية قائمة على التوازن في العلاقات الدولية ومعارضة أي حرب والسعي للوصول إلى حل دبلوماسي للخلافات الدولية، معتبراً أن تنفيذ الاتفاق النووي بين الجانبين ممكن أن يعطي رسالة إيجابية للمجتمع الدولي بأنه يمكن أن يعول على الأميركيين.