بعد سنوات من الاستغراب إزاء فشل إطلاق أي أدوات مالية جديدة وتفعيلها على أرض الواقع مثلما كانت خدمة الأجل والبيوع في السابق تلقى إقبالاً ورواجاً كبيرين من المستثمرين، كشفت شركات استثمار كبرى عن جملة حقائق وأسباب تلك المشكلة المستمرة منذ أكثر من 6 سنوات تقريباً.
في التفاصيل، كما كشفتها إحدى تلك الشركات لـ «الجريدة»، فإن أكبر تحدّ يرفع ويضاعف مخاطر الأدوات المالية الحديثة أو المشتقات بشتى أنواعها هو ملف إيقاف الأسهم عن التداول بشكل مفاجئ، بل والوصول إلى الشطب وهي مخاطرة تهدد كل أنواع العقود.
بداية حددت المصادر الاستثمارية مجموعة من الأسباب لعدد من النماذج للشركات المدرجة التي تتوقف بسببها الأسهم عن التداول، وهي:
1- شركات يتم توقيفها عن التداول بسبب عدم الالتزام في سداد الاشتراكات السنوية الخاصة برسوم الإدراج في المقصورة لمصلحة شركة البورصة.
2- أسهم يتم توقيفها بسبب اكتشاف تلاعبات من جانب مجالس إدارات وأجهزة تنفيذية ويتم التمادي في الإصرار على الأخطاء دون معالجة مما يقود الشركة إلى الشطب.
3- نموذج ثالث من الشركات يتم وقف أسهمها بناءً على طلب الشركة وتتعدد أسباب ومبررات تلك الرغبة، إذ إن بعضها يكون لأسباب تتعلق بعملية هيكلة أو تفاوض على أمر له تأثير جوهري على قيمة السهم والشركة ككل.
4- يعمد بعض مجالس الإدارات إلى عدم تقديم البيانات المالية في الأوقات المحددة للإفصاح عنها، ما يجبر الجهات الرقابية لتوقيف السهم تطبيقاً للتعليمات والقوانين المنظمة لمهل الإفصاح عن النتائج والبيانات الفصلية او السنوية.
5- حالات أخرى متعددة تتعلق بعدم عقد الجمعية العمومية في المواعيد المحددة أو لخلافات بين كبار المساهمين وشكاوى متبادلة تستحق الوقف للتأكد.
لكن ما أبرز المخاطر التي تترتب على إجراء وقف الأسهم عن التداول:
• العقود الخاصة بالمشتقات والأدوات المالية غالبا ما تكون محدودة المدة وتخضع لرهان ما على أداء وحركة السهم وفق مدة زمنية، بالتالي أي وقف للسهم يهدد تلك العقود ويرفع المخاطر على طرفي العقد سواء الشركة مقدمة الخدمة أو المستثمر، لاسيما إذا ما تم شطب الورقة المالية فتخسر ما بين 60% و75% من قيمة الاستثمار.
• أضرار مباشرة على شريحة صغار المستثمرين الذين يمثلون الوقود الحقيقي للسوق وتبديد لأموالهم التي هي في الأساس محدودة وتعويضهم يكون صعباً فالإضرار بهذه الشريحة يعني إخراجها قسرياً من السوق نتيجة أخطاء آخرين مما يعني أنهم ضحية تلاعبات أطراف أخرى تضررت من تطبيق القانون عليها.
• أضرار على قطاع الوساطة نتيجة تضرر أهم مصادر الإيراد شبه الوحيدة وهي عمولات التداول، كذلك ارتفاع الحسابات الراكدة والضرر نفسه يصل إلى شركات الاستثمار كملاك لشركات الوساطة وبالتبعية شركة البورصة كمستفيد من عمولات التداول.
• عزوف الأغلبية المطلقة من الشركات عن تقديم الأدوات المالية والمشاركة في تطوير السوق وخلق تنافس، أيضاً هذا لعزوف يكرس الاحتكارات التي ممكن أن تنشأ نتيجة دخول شركة وعزوف الأغلبية مما يجعل الشركة الوحيدة مقدمة الخدمة تتحكم في عمولات ومصائر المستثمرين ومنح هذا عقد ورفض آخرين.
• إجبار المستثمرين على التركيز على أسهم محددة ما يضخم اسعارها ويحرم شريحة أخرى من الشركات من الاستفادة من سيولة السوق.
حلول ومطالب لمعالجة تلك الظاهرة:
أ– يمكن إعلان كل أسباب وقف الأسهم بشفافية للمستثمرين وتجميد أسهم كبار الملاك وكل أعضاء مجلس الإدارة وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة والجهاز التنفيذي وترك التداول على السهم لصغار المساهمين والمستثمرين فقط لتأمين خيار عادل لهم بالتخارج بحرية ومرونة لمن يرغب كبديل أقل في الخسائر والمخاطر من الوقف لأشهر طويلة أوالشطب النهائي.
ب- منح مهلة ثلاثة أشهر لصغار المستثمرين للتخارج، وفي المقابل فرصة للشركات التي تقدم خدمات على السهم من تعديل وترتيب أوضاعها وزيادة تلك المهلة حسب الحاجة مع وقف التعامل على السهم من جانب كل الأطراف الأخرى سالفة الذكر.
ج- خلاصة الأزمة يتوجب تقنين إيقاف السهم في أضيق نطاق ممكن وفق ضوابط صارمة مع تكريس حلول ومخارج تعالج وتراعي مصالح صغار المساهمين تراعي توفير مخرج لتسييل أسهمهم فلم يرتكبوا إثماً أو يقترفوا خطأ بل السبب هم القائمون على الشركة لذلك يجب توجيه الوقف لأسهم كبار الملاك والعقوبة لمجالس الإدارات والأجهزة التنفيذية المتسبب الأول في قيادة السهم للوقف عن التداول أو الشطب.