عادت علينا الأعياد الوطنية في شهر فبراير من هذا العام مع نصائح حكومية تتصل بضبط المسيرات وتصرفات البعض ممن يعتقدون أنهم بتصرفات غير مسؤولة كرش المياه وتراشق البالونات الممتلئة بالمياه وخلافه هم في الواقع يحتفلون بتلك المناسبة.
لا أعلم كيف تسربت تلك الثقافة إلينا في الكويت على أنها من عادات القيام بالاحتفالات الوطنية والمسيرات، خصوصاً إذا ما قارنا تلك التصرفات بالرقي الذي صاحب المسيرات الوطنية والاحتفالات قبل ثلاثة عقود من الزمن، ولكن في حقيقة الأمر وعلى مستوى شخصي، صدمت من ردود أفعال بعض الأهالي ممن تواصلت معهم أو التقيتهم مصادفة، كانت ردود البعض (وليس الكل ولله الحمد) أن مثل هذه التصرفات عادية جداً، وأن القرارات الحكومية جائرة بحق المحتفلين في مثل هذا الوقت من العام، خصوصاً فيما يتعلق بالفرحة التي تصاحب الأطفال والصغار من هذه الممارسات.
طبعا هذا الكلام لا يمتّ للمنطق بأي صلة بتاتا، بل يشجع على التبذير وتخريب الممتلكات والتعدي على خصوصية الآخر وغيرها من التصرفات التي يجب أن تتوقف، بل يشدد عليها العقوبة من الدولة إلى أبعد حدود، ولكن هنا أنا لا أطالب الحكومة أن تعاقب أصحاب تلك الأفعال بالمسيرات أو حتى بين الطرقات في المناطق السكنية، بل أطالب هنا وبكل وضوح أن تتم معاقبة أولياء الأمور بأشد العقوبات لأنهم لم يعرفوا كيف يربوا أولادهم ولا حتى أن يغرسوا فيهم مبادئ أساسية في تربيتهم.
ففي غضون العطلة، ورغم تجنبي أماكن الزحام وقضاء معظمها في أعمال مكتبية، فإنني تلقيت من «الراجمات البشرية» بعض «المقذوفات المائية» مروراً بمواقف سيارات الجمعية التعاونية وعلى الخط السريع من سيارة تقودها الأم بشحمها ولحمها وهي لا تبالي بتصرفات أولادها وبناتها البتة، فتلك السيدة لا تستحق أن يطلق عليها صفة الأم بتاتاً، ولا أهالي أولئك «المصبنة» أمام حديقة منطقة كيفان السكنية، ولا من يعزز مفاهيم التخريب والإهدار تلك، فهذه مجتمعة مسؤوليات على الأهالي بالمقام الأول، والدولة من الواجب عليها التعامل مع الحالات الشاذة التي تخرج عن المألوف أو القانون، لا أن تتحمل مسؤولية تربية الأولاد وتعليمهم أساسيات من المفترض أن يكتسبوها في منازلهم، لا سيما أن المدارس لا تزرع فيهم تلك السلوكيات المغلوطة.
المناسبات الوطنية والأعياد والعطل التي تصاحبها فرصة للأهالي لزرع القيم واستذكار تضحيات الشهداء وحب الأرض والوطنية الحقة لا الذهاب الى أماكن لمضايقة كل المارة، بل المضحك في الأمر أننا نحن الكويتيين قد أثرنا في المقيمين وغرسنا فيهم تلك الخصائل السيئة، فمن الملاحظ الآن أن حتى أبناء الجاليات العربية والأجنبية بدأوا يصاحبون صغار السن لتلك «الفعاليات المائية».
نعم الدولة مسؤولة عن الناشئة، لكن هناك بعض الأمور والبدهيات التي يجب على أولياء الأمور غرسها في أطفالهم منذ نعومة أظفارهم دون الحاجة لتوافر قوانين رادعة لكل تصرف يخرج عن المألوف، ودامت أعياد الجميع، وكل عام وأنتم بألف خير.